الثالث: أنا سنبين إن شاء الله تعالى أن الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله)، وإذا كان كذلك لزم أن يكون الأفضل، لأن الرسول (صلى الله عليه وآله) لا يخص بتأدية أحكام الله تعالى وأوامره إلا من كان أحفظ لها وأقوم بتأديتها، وأعلم بمواردها، وذلك هو الأفضل الأعلم، والعلم بصدق هذه الصفة فطري فوجب أن يكون الإمام أفضل.
الرابع: لو جاز تقديم غير الأفضل لجاز إما تقديم المساوي أو الأنقص، والأول باطل لأن تقديم المساوي إن كان لا لأمر كان ذلك ترجيحا للممكن من غير مرجح وهو محال، وإن كان لأمر فهو إما أن يرجع إلى ذات الإمام فيكون في نفسه أرجح من غيره وقد فرضناه مساويا هذا خلف، أو إلى غيره مع أن نسبة غيره إليه وإلى من يساويه في الحكم بالتقديم على سواء فاختصاصه بالحكم دون الآخر يستدعي مخصصا آخر، والكلام فيه كالكلام في الأول، فيلزم إما التسلسل أو الترجيح من غير مرجح، والثاني، أيضا محال لأنك علمت في حد الإمامة أنها: رئاسة عامة لجميع الخلق في أمور الدين والدنيا، وذلك يقتضي أن يكون جميع المكلفين في محل الحاجة في طرقي الدين والدنيا إلى من تحققت هذه الرئاسة في حقه، فوجب حينئذ أن يكون الإمام أفضل من سائر الخلق فيما هو إمام فيه.
واعلم أنه قد دخل في هذه المسألة بحسب مقتضى البراهين المذكورة وجوب أن يكون الإمام أعلم الخلق وأشجعهم وأحلمهم وأكرمهم وأتقاهم وبالجملة سائر الكمالات، للمعنى المفهوم من الإمامة، وبالله التوفيق.
مخ ۶۶