الاثني عشرية (1).
سلمنا أنه لا يظهر لأحد من أوليائه وإن كانوا في غاية الصلاح والمحبة له والحاجة إليه، لكن السبب فيه أحد أمرين:
أحدهما: أن الانسان وإن كان في غاية الصلاح إلا أن طبيعته مجبولة على طلب الكمال، وأعظم كمال يتنافس فيه في الدنيا ويتخيل كونه أشرف الكمالات هو الجاه، فإن الانسان ربما يجهد في تحصيله بكل وسيلة، حتى أن كثيرا من الزهاد ربما جعلوا الوسيلة إليه إظهار بغضه، ثم إنه إذا كان مطلوبا للخلق من تعظيم أقل أمير من أمراء الجور لهم، فكيف من الإمام الحق المؤيد بالكرامات، الذي لو عرف الخلق بأسرهم حقية وجوده وصحة إمامته وأن الحق معه لبذلوا مهجتهم دونه، إذا اختص انسانا من خلق الله - ربما كان فقيرا مطرحا - فتطرق إليه وظهر إليه، فإنه والحال هذه لا يؤمن أن يفتخر بمثل ذلك ويسره إلى أخ له أو ولد أو زوجة، فينتشر ذلك إلى الأعداء أو ولاة الأشرار فإن لكل نصوح نضوحا (2) وكل حديث جاوز اثنين شاع (3)، وإذا انتشر ذلك كان سببا للفساد.
الثاني: أن ذلك الولي لا يعرفه إلا بالكرامات التي تظهر له منه، ولا يصدقه بمجرد قوله، ثم لا يمتنع أن تطرأ الشبهة على المكلف في ذلك فلا يقف على وجه دلالة الكرامة على مدعي الإمامة، فيعتقد ما جاء به منكرا فيستعين بغيره، فيصير خصما وسببا لوصول ذلك الأمر إلى الأعداء.
مخ ۵۱