الثاني: أن الانزجار وإن لم يحصل إلا عند ظهوره وتمكنه لكن هذا لا يقدح في وجوبه من الله سبحانه، فإن عدم تمكينه إنما كان لأمر يرجع إلى المكلفين، وهو إخافتهم للإمام وعدم أخذهم بيده، مع قدرتهم على تمكينه وإزاحة علته، فهم إنما أتوا من قبل أنفسهم.
لا يقال على الجواب الأول: إنا إذا توقعنا حدوث الإمام في كل وقت وعلمنا أنه متى حدث كان مانعا من القبائح، كان الخوف منه في كل وقت - وإن كنا لا نعلم أنه حاصل في ذلك الوقت أم لا - كالخوف الحاصل من وجوده وإمكان ظهوره، وإذا كان كذلك فجوزوا أن لا يكون موجودا إلا أن الله تعالى يجب عليه أن يخلقه عند تحقق المصلحة في إيجاده.
وعلى الثاني: أنه ضعيف أيضا، لأن العذر الذي ذكر تموه من تخويف الخلق له غير حاصل في أوليائه الذين يكونون له في غاية الولاء والإخلاص والمحبة، فكان ينبغي أن يظهر لهم عند شدة حاجتهم إليه لاستفادة ما أشكل عليهم من العلوم.
لأنا نجيب عن الأول: بأن الخوف من الإمام إنما هو مشروط بوجود الإمام، لأن الخوف ممن يجزم العقل بعدمه محال وإن جوز وجوده، وما أحسب عاقلا لا يفرق في حصول الخوف بين إمام موجود يتوقع ظهوره عليه في كل لحظة، وبين من يجزم بعدمه ويجوز وجوده حتى يستوي بينهما، نعوذ بالله من عدم الإنصاف.
وعن الثاني: أنا لا نسلم أن الإمام الذي نقول بغيبته الآن لا يظهر لأوليائه، بل يظهر لهم ويأخذون عنه الأحكام، وقد ظهرت إليهم عنه أحكام وأجوبة مسائل سألوها وغير ذلك من الأدعية والمكاتبات كما هو مشهور بين
مخ ۵۰