الأولى قد يستحق أن يقال إنها تفعل فعلا ما لأنها قابلة للتأثير والقبول فعل وأما الذي يكون بحسب التركيب فقد يكون لاستناد حروف النسق إلى أشياء مختلفة كقول القائل كل ما علمه الحكيم فهو كما علم فإن المعطوف بالفاء هو ههنا ينعطف على كل ما وعلى الحكيم وبحسبه يختلف المعنى: وقد يكون لتغيير الترتيب الواجب ويكون لمواضع الوقف والابتداء وقد يكون لاشتباه حروف النسق أنفسها ودلالتها على معاني عدة في النسق - ولهذا قد يصدق الشيء مجتمعا فيظن أنه قد يصدق مفترقا فيقال إن الخمسة زوج وفرد معا إذ هم ثلاثة واثنان فينتقل الوهم إلى أن الخمسة زوج والخمسة أيضا فرد والسبب فيه اشتباه دلالة الواو فإنه قد يدل على جمع الأجزاء وقد يدل على جمع الصفات ويصدق الشيء مفترقا ولا يصدق مجتمعا كقول القائل زيد طبيب ويكون جاهلا في الطب: وزيد بصير ويكون كذلك في الخياطة فإذا قيل زيد بصير طبيب لفهم الغلط لاشتباه الحال بين اشتراك البصر في الطب بحسب هذا اللفظ وبين انفراده بنعت زيد. وأما السبب الثاني وهو عدم التمايز في أجزاء القول القياسي فإنه لا يتهيأ فيما تكون الأجزاء الاولى فيه بسايط بل فيما يكون فيه ألفاظا مركبة: ثم ينقسم قسمين. فإما أن يكون أجزاء المحمول والموضوع متمايزة في الوضع ولكن غير متمايزة في الاتساق وإما أن لا تكون متمايزة في الوضع فيكون هناك شيء هو من الموضوع فيوهم أنه من المحمول أو من المحمول فيوهم أنه من الموضوع. مثال المتمايز في الوضع دون الانساق قول القائل كل ما علمه الفيلسوف فهو كما علمه. والفيلسوف يعلم الحجر فهو إذا حجر: ومثال الغير المتمايز في الوضع قول القائل الانسان بما هو إنسان إما أن يكون أبيض أو لا يكون أبيض فقوله بما هو إنسان يشكك أهو جزء من الموضوع أو من المحمول فلا يبعد أن يقع من هذا وأمثاله مغالطات يصعب حلها وقد تعرض هذه المغالطة في جميع أنحاء التركيب المتشابه وأما الكذب في المقدمات فلا محالة أن الطبع إذا أذعن للكاذب فإنما يذعن بسبب ما ولأن له نسبة إلى الصدق في حال ومن بلغ إلى أن يصدق بأي شيء اتفق بلا سبب فقد انخلعت عنه الغريزة البشرية فإذا ذلك السبب إما لفظه وإما معناه والذي في اللفظ فيظهر مما سنذكره وذلك مثل اشتراك معنيين في لفظ يوهم التساوي بينهما في كل حكم ومثل اشتراك لفظتين في معنى وافتراقهما في معنى معتبر في اللفظ فإنه إذا كان كذلك أوهم ذلك أن الحكم في اللفظتين واحد ورما كان لاحدى اللفظتين زيادة معنى يتغير به الحكم ومثال هذا الخمر والسلافة فإن معنى واحدا قد اشترك فيه هذان الاسمان ثم للسلافة زيادة معنى وأما
مخ ۷۹