فصل في حال تكون الأسطقسات عن العلل الأول
فإذا استوفت الكرات السماوية عددها لزم بعدها وجود الاسطقسات وذلك لأن الأجسام الاسطقسية كائنة فاسدة فيجب أن تكون مباديها القريبة أشياء تقبل نوعا من التغير والحركة وأن لا يكون ما هو عقل محض وحده سببا لوجودها وهذا يجب أن يتحقق من الأصول التي أكثرنا التكرار فيها وفرغنا من تقريرها ولهذه الاسطقسات مادة تشترك فيها وصور تختلف بها فيجب أن يكون اختلاف صورها مما يعين فيه اختلاف في أحوال الأفلاك وأن يكون اتفاق مادتها مما يعين فيه اتفاق في أحوال الأفلاك. والأفلاك تتفق في طبيعة اقتضاء الحركة المستديرة فيجب أن يكون مقتضى تلك الطبيعة يعين في وجود المادة ويكون ما تختلف فيه مبدأ تهيؤ المادة للصور المختلفة لكن الأمور الكثيرة المشتركة في النوع والجنس لا تكون وحدها بلا مشاركة من واحد معين علة لذات هي في نفسها متفقة واحدة وإنما يقيمها غيرها فلا يوجد إذا هذا الواحد عنها إلا بارتباط بواحد يردها إلى أمر واحد. فيجب أن تكون العقول المفارقة بل آخرها الذي يليثا هو الذي يفيض عنه بمشاركة الحركات السماوية شيء فيه رسم صور العالم الأسفل من جهة الانفعال كما أن في ذلك العقل أو المعقول رسم الصور على جهة التفعيل ثم تفيض منه الصور فيها بالتخصيص لا بانفراد ذاته فإن الواحد في الواحد يفعل كما علمت واحدا بل بمشاركة الأجسام السماوية. فيكون إذا خصص هذا الشيء تأثير من التأثيرات السماوية بلا واسطة جسم عنصري أو بواسطته فيجعله على استعداد خاص بعد العام الذي كان في جوهره فاض عن هذا المفارق صورة خاصة وارتسمت في تلك المادة. وأنت تعلم أن الواحد لا يخصص الواحد من حيث كل واحد منهما واحد بأمر دون أمر يكون له بل يحتاج إلى أن يكون هناك مخصصات مختلفة ومخصصات المادة معدات والمعد هو الذي يحدث منه في المستعد أمر ما يصير مناسبته بذلك الأمر لشيء بعينه أولى من مناسبته لشيء آخر ويكون هذا الإعداد مرجحا لوجود ما هو أولى فيه من الأوائل الواهبة للصور ولو كانت المادة على التهيؤ الأول لتشابهت نسبتها إلى الضدين فما ترجح أحدهما - اللهم إلا بحال تختلف به المؤثرات فيه وذلك الاختلاف أيضا منسوب إلى جميع المواد نسبة واحدة فلا يجوز أن يختص بموجبه مادة دون مادة إلا لأمر أيضا يكون في تلك المادة وليس الاستعداد الكامل وليس الاستعداد إلى مناسبة كاملة لشيء بعينه هو المستعد له وهذا مثل أن الماء إذا أفرط تسخينه فاجتمعت السخونة الغريبة والصورة المائية وهي بعيدة
مخ ۲۳۱