الأجسام وإن كل فلك يختص بمبدأ منها والجميع يشترك في مبدأ واحد.
فصل في طريق ثالث للبرهنة على العقول المفارقة
ومما لا شك فيه أن ههنا عقولا بسيطة مفارقة وتحدث مع حدوث أبدان الناس ولا تفسد بل تبقى. وقد بين ذلك في العلوم الطبيعية وليست صادرة على العلة الأولى لأنها كثيرة مع وحدة النوع ولأنها حادثة ليست بمعلولات قريبة لهذا المعنى. وهو أن الكثرة في عدد المعلولات القريبة محال فهي إذا معلولات الأول يتوسط ولا يجوز أن تكون العلل الفاعلية المتوسطة بين الأول وبينها دونها في المرتبة فلا تكون عقولا بسيطة ومفارقة فإن العلل المعطية للوجود أكمل وجودا وأما القابلة للوجود فقد تكون أخس وجودا فيجب إذا أن يكون المعلول الأول عقلا واحدا بالذات ولا يجوز أيضا أن يكون عنه كثرة متفقة النوع وذلك لأن المعاني المتكثرة التي فيه وبها يمكن وجود الكثرة عنه إن كانت مختلفة الحقائق كان ما يقتضيه كل واحد منها شيئا غير ما يقتضي الآخر في النوع فلم يلزم كل واحد منها ما يلزم الآخر بل طبيعة أخرى وإن كانت متفقة الحقائق فبماذا تخالف وتكثرت ولا انقسام بمادة هناك - فإذا المعلول الأول لا يجوز عنه وجوب كثرة إلا مختلفة النوع فليست هذه الأنفس الأرضية أيضا كائنة عن المعلول الأول بلا توسط على أخرى موجودة وكذلك عن كل معلول أول عال حتى ينتهي إلى معلول يكون عنه كون الاسطقسات القابلة للكون والفساد المتكثرة بالعدد والنوع معا فيكون تكثر القابل سببا لتكثر فعل مبدأ واحد باللذات وهذا بعد استتمام وجود السماويات كلها فيلزم دائما عقل بعد عقل حتى تتكون كرة القمر. ثم تتكون الاسطقسات وتتهيأ لقبول تأثير واحد بالنوع كثير بالعدد من العقل الأخير فإنه إذا لم يكن السبب في الفاعل وجب أن يكون في القابل ضرورة. فإذا يجب أن يحدث عن كل عقل عقل تحته. ويقف بحيث يمكن أن تحدثه الجواهر العقلية منقسمة متكثرة بالعدد لتكثر الأسباب فهناك تنتهي. فقد بان واتضح أن كل عقل هو أعلى في المرتبة فإنه لمعنى فيه وهو أنه بما يعقل الأول يجب عنه وجود عقل آخر دونه وبما يعقل ذاته يجب عنه فلك بنفسه وجرمه وجرم الفلك كأن عنه ومستبقى بتوسط النفس الفلكية فإن كل صورة فهي علة لأن تكون مادتها بالفعل لأن المادة بنفسها لا قوام لها.
مخ ۲۳۰