188

فصل في أن الواجب حق بكل معاني الحقية

وكل واجب الوجود بذاته فهو حق محض لأن حقيقة كل شيء خصوصية وجوده الذي يثبت له فلا حق إذا أحق من الواجب الوجود. وقد يقال أيضا حق لما يكون الاعتقاد بوجوده صادقا فلا حق أحق بهذه الحقيقة مما يكون الاعتقاد بوجوده صادقا ومع صدقه دائما ومع ذلك دوامه لذاته لا لغيره. لا يقال على كثيرين إذ لا مثل له ولا ضد ولا يجوز أن يكون نوع واجب الوجود لغير ذاته لأن وجود نوعه له بعينه أما أن تقتضيه ذات نوعه أو لا تقتضيه ذات نوعه بل تقتضيه علة فإن كان معنى نوعه له لذات معنى نوعه لم يوجد إلا له وإن كان لعلة فهو معلول ناقص وليس واجب الوجود وكيف يمكن أن تكون الماهية المجردة عن المادة لذاتين والشيئان إنما يكونان اثنين إما بسبب المعنى وإما بسبب الحامل للمعنى وإما بسبب الوضع والمكان أو بسبب الوقت والزمان وبالجملة لعلة من العلل وكل اثنين لا يختلفان بالمعنى فإنما تختلفان بشيء غير المعنى وكل معنى موجود بعينه لكثيرين مختلفين فهو متعلق الذات بشيء مما ذكرناه من العلل ولواحق العلل فليس واجب الوجود وأقول قولا مرسلا إن كل ما ليس اختلافه لمعنى ولا يجوز أن يتعلق إلا بذاته فقط فلا يخالف مثله بالعدد فلا يكون إذا له مثل لأن المثل مخالف بالعدد فبين من هذا أن واجب الوجود لذاته لا ند له ولا مثل ولا ضد لأن الأضداد متفاسدة ومتشاركة في الموضوع وواجب الوجود بريء من المادة.

مخ ۱۸۸