اعلم أن ذلك المزخرف قد طول كلامه بما ليس هو من المقصود أصلا فذكر الكلام على نجاسة الغائط والبول وأطال فيها القول ونجاستهما متفق عليها معنا ومعهم فأي حاجة دعت إلى ذلك والإتيان به هناك ثم أعقبه بالكلام عن نجاسة بول الأنعام والروثة ولعاب الكلب ونجاسة المني والوذي مع أنهما ليست من غرضنا ولا مناسبة بينهما وبين ما نحن فيه إلا نفس النجاسة، فإن كان غرضه التكثير لخطابه والتكبير لحجم كتابه فقل له إن أفراد أنواع النجاسات كثيرة فهلا جئت بها في هذه القراطيس اليسيرة حتى تكون كراسة كبيرة ثم ذكر في خلال ذلك نقلا على تفسير الآية المستدل بها هناك من فتح البيان (¬1) في مقاصد القرآن بما لا يليق بالمقصود وهو عند العارفين بالمناظرة من جملة المردود ثم أتى بأبيات من ملحة الإعراب وأوردها عليها من شرحها (تحفة الأحباب) ما يقضي بجهالته عند أولي الألباب فإن كان هذا الملفق قد أراد أن يطلعنا على ما هنالك من المعاني فهلا نقل لنا من المعني وحواشي الصبان فإنها أعلى الكتب في هذا الشأن ونقل من خلال العقول أنه لا يفهم ما يقول ولو لم يكن في كلامه إلا ما أشرنا إليه لكفى به شاهدا على الجهالة لديه كيف! ومع ذلك من اضطراب أقواله وتعسفه في مجاله ما رثى له عدوه رحمة لحاله كما ستقف علليه إن شاء الله تعالى.
بداية الرد (¬2)
وها نحن نرسم المواضع التي يحتاج التنبيه عليها مما يليق بالمقصود ونضرب صفحا عما عداها لأنها ليست من المنهل المورود ولأن استقصاء الكلام في هذا المقام مما يفوت الوقت بما لا حاجة إليه.
قوله: في نجاسة الغائط والبول وقد جاءت الأدلة الصحيحة المفيدة للقطع بذلك بل نجاستها من باب الضرورة الدينية كما لا يخفى على من له اشتغال بالأدلة الشرعية وبما كان عليه الأمر في عصر النبوة.
¬__________
(¬1) ل صديق بن حسن القنوج البخاري، ط1 1301ه
مخ ۹