وأما السنة فما روي عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن الحيض يصيب الثوب فقال: «حثيه ثم أقرصيه بالماء وانضحي ما لم تري وصلي فيه» وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كثيرا ما كان - صلى الله عليه وسلم - يخرج وعليه الملاءة التي يتغطى بها هو وأهله فيجد فيها لمعة من دم الحيض فيقبض عليها مع ما يليها ثم يصرها ويرسلها إلينا فيقول أغسلوها وحففوها ثم أرسلو بها إلي فنفعل بها ذلك، وعنها أيضا أنها قالت: لقد كنت أحيض عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث حيض جميعا لا أغسل لي ثوبا، تعني أن لم يصبه شيء من دم، وكان إذا أصابه شيء غسل مكانه لم يعده إلى غيره ثم صلى فيه الحديث وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن دم الحيض يكون في الثوب فقال:«حكيه بضلع أو أغسليه بما وسدر ».
وأما الإجماع فقد حكاه صاحب القواعد رحمه الله تعالى وهو ظاهر جلي.
كذلك دم الاستحاضة فقد ورد النص في تنجيسه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «دم الاستحاضة دم عرق نجس » رواه صاحب الإيضاح رحمه الله تعال، وإذا ثبتت نجاسة الدمين -أعني دم الحيض ودم الاستحاضة-كان ثبوت نجاسة الدم المسفوح أولى لورود النص بتحريمه فهو من القياس أولى وذلك أن تقيس الذي هو أولى بالحكم على ما هو دونه ويسمى هذا القياس باعتبار آخر القياس الجلي وهو : ما علم فيه نفي الفارق بين الفرع والأصل ويسمى باعتبار آخر حيضا القياس في المعنى وهو الجمع بنفي الوصف الفارق.
هذا والصفة الجامعة بين الثلاثة الدماء الاستقذار لأن كل واحد منها مستقذر بالطبع فأما دم الحيض ودم الاستحاضة فلا خفاء في استقذارهما وأما استقذار الدم المسفوح فهو ما أشعر به نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن تلطيخ رأس الصبي به وأمره أن يوضع مكانه خلوق.
مخ ۶