أقول: يتأمل في كلامه هذا وفي نقله بعد فإنه لا مناسبة بينهما أصلا لأن كلامه هذا يشير إلى القيد الواقع بعد مفردات معطوف بعضها على بعض ثم عقبها قيد من شرط أو وصف وما نقله من حصول المأمول إنما هو في المطلق والمقيد وقد عرفت أن المطلق ما دل على شائع في جنسه كرجل ودم وميتة مثلا، والمقيد بخلافه كرجل مؤمن ودم مسفوح وميتة مدودة فإن رجلا في الأول مطلق وفي الثاني مقيد بصفة الإيمان وكذلك دم في الأول مطلق يدل علة المسفوح وغيره وفي الثاني مقيد بصفة السفح وكذلك الميتة في الأول مطلق لأنه يدل على المدودة وغيرها وفي الثاني مقيدة بصفة التدويد فبين الرجل الأول والثاني الإطلاق والتقييد وكذلك بين الدم الأول والثاني وبين الميتة الأولى والثانية وليس بين رجل ودم وميتة شيء من الإطلاق والتقييد وإنما بينهما نسبة التباين فإذا عرفت هذا عرفت أن بين الميتة والدم ولحم الخنزير نسبة التباين لا الإطلاق أو التقييد كما توهمه هذا المتعسف وإذا عرفت هذا أيضا ظهر لك سقوط ما نقله من حصول المأمول وإنه لا حاجة إليه.
ولنرجع إلى ما أشار إليه من تحقيق المقام وتحرير الكلام في عود الضمير في الآية بالوقوف على ما ذكره الأصوليون في ذلك القيد المشار إليه فنقول ذكر الأصوليون في القيد الواقع بعد مفردات معاطفة كما في الآية، وأنه لا بد لذلك القيد إما أن يكون استثناء أو شرطا أو صفة أو غاية وفي الآية القيد الوصفي لأن قوله تعالى فإنه رجس صفة واقعا بعد مفردات متعاطفة فعوده إلى الكل أولى.
مخ ۲۳