(¬1) الأنعام: 145 أقول: كما أن الظاهر من إفراد الضمير عودة إلى لحم الخنزير وذلك أن المستثنى من شيء يدخل تحته لا بد له صفة يختص بها عن المستثنى منه فالميتة وما بعدها مستثنى من جنس المطعوم ألا ترى أنك تقول: لا تأكل شيئا إلا خبزا أو لحما أو تمرا فإنه جيد مثلا كان التعليل راجعا لجميع المستثنيات وهو الظاهر فيه وإن كان الظاهر في إفراد الضمير عودة إلى الأقرب فتنازعه ظاهران أحدهما يطلب الجميع وهو التعليل والآخر يطلب القريب وهو إفراد الضمير فرجحنا الأول للتصريح بالتعليل فيه فإنا لو رجحنا الثاني مثلا لزم طلب العلة في تحريم الميتة والدم لا يقال ليس من شرط الاطلاع على علل الأحكام لأنا نقول سلمنا عدم الشرطية ذلك في التعبد ولا قائل بخلافه فيما نعلمه لكن الرب تعالى بمنه وكرمه جعل للأحكام عللا تدل عليها وأمر أهل العلم أن يردوا ما أشبهها إليها بإشارة قوله: { لعلمه الذين يستنبطونه منهم } (¬1) وأي استنباط يكون بغير دليل وأي دليل هنالك إلا تعليل الأحكام لأنا لو قلنا بالدليل الصريح مثلا لسقط معنى الاستنباط فظهر بحمد الله أن الأصل في الأحكام تعليلها فيجب طلب ذلك الأصل للمستنبط ولا يقدح في هذا ما ورد من الأحكام غير معلل لأن قواعد الشرع إما عبادة بدنية وإما غيرها فالعبادة البدنية لا يجدي فيها التعليل لعدم انطباقها للأعراض النفعية العاجلة وما عداها من الضرورات والحاجيات والتحسينات فيعلل بجزئياتها وكلياتها كما هو معلوم عند أربابه.
قوله:ولهذا جزمنا هنا بنجاسة لحم الخنزير دون الميتة والدم الذي ليس بدم حيض ولا سيما وقد ورد في الميتة ما يفيد أنه لا يحرم منها إلا أكلها كما ثبت في الصحيح بلفظ «إنما حرم من الميتة أكلها»...أه.
¬__________
(¬1) النساء: 83.
مخ ۱۸