بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه وجميع المؤمنين.
وبعد:
فقد طلب مني بعض الأخوان أصلح الله لنا ولهم الشأن أن أوضح له الدليل في نجاسة الدم المسفوح وأن أبين له العلة التي أوجبت تنجيسه...فكان معنى ما قاله: إنا قد رأينا كلمة أصحابنا منطبقة على نجاسة الدم المسفوح مع أنا لم نعثر لهم في ذلك على دليل ولم نفهم ما قصدوه من تعليل، وقد طالبنا بعض مخالفينا في وضوح الأدلة وظهور العلة فبفضل منك أن توضح لنا جميع ذلك مأجورا إن شاء الله.
الجواب:
إن الدليل على ذلك بحمد الله واضح والحق على ظهور صوابه لائح وذلك أن الأدلة التي تستنبط منها الأحكام والبراهين وتثبت منها العلل والقوانين وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس عند بعض وهو الصحيح وأنا إن شاء الله تعالى أبين لك وجه نجاسته من جميع هذه الأصول فنقول:
أما الكتاب فقوله تعالى: { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس } (¬1) لا يقال أن الضمير عائد إلى الخنزير لأنه أقرب مذكور كما هو القانون لأنا نقول أن ذلك القانون إنما يجب إتباعه فيما لم يدل عليه دليل على تركه فأما إذا دل تركه على دليل وجب إتباع الدليل وترك القانون كما هو معلوم عندهم، حيث قالوا: لا يعدل عن الأصل إلا بدليل، نعم ودليل العدول هنا ظاهر وذلك أنه تعالى علل تحريم الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير بأن الجميع رجس أي نجس وإلا للزم طهارة الميتة مع أنه لم يوجد نص نجاستها بعينها وقد أطبقت الأمة على نجاستها ولا يصح العدول عن الظاهر إلا بدليل وإنما قلنا الظاهر ذلك لتعليل تحريم الخنزير بالنجاسة وهو معطوف عليها.
¬__________
(¬1) الأنعام: 145.
مخ ۱