فلينظر العاقل هل يجوز له أن ينسب نبيه إلى عبادة الأصنام والذبح نهج الحق ص : 156على الأنصاب ويأكل منه وأن زيد بن عمرو بن نفيل كان أعرف بالله منه وأتم حفظا ورعاية لجانب الله تعالى نعوذ بالله من هذه الاعتقادات الفاسدة. وفي الصحيحين عن حذيفة بن اليمان قال كنت مع النبي ص فانتهى إلى سباطة قوم فبال قائما فتنحيت فقال ادنه فدنوت حتى قمت عند عقبيه فتوضأ فمسح على خفيه فكيف يجوز أن ينسب إلى رسول الله ص البول قائما مع أن أرذل الناس لو نسب هذا إليه تبرأ منه. ثم المسح على الخفين والله تعالى يقول وأرجلكم فانظروا إلى هؤلاء القوم كيف يجوزون الخطأ والغلط على الأنبياء وأن النبي نهج الحق ص : 157يجوز أن يسرق درهما ويكب في أخس الأشياء وأحقرها. وقد لزمهم من ذلك محالات منها جواز الطعن على الشرائع وعدم الوثوق بها فإن المبلغ إذا جوزوا عليه الكذب وسائر المعاصي جاز أن يكذب عمدا أو نسيانا أو يترك شيئا مما أوحى إليه أو يأمر من عنده فكيف يبقى اعتماد على أقواله. ومنها أنه إذا فعل المعصية فإما أن يجب علينا اتباعه فيها فيكون قد وجب علينا فعل ما وجب تركه واجتمع الضدان وإن لم يجب انتفت فائدة البعثة. ومنها أنه لو جاز أن يعصى لوجب إيذاؤه والتبري منه لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن الله تعالى قد نص على تحريم إيذاء النبي ص فقال إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة. ومنها سقوط محله ورتبته عند العوام فلا ينقادون إلى طاعته فتنتفي فائدة البعثة. ومنها أنه يلزم أن يكونوا أدون حالا من آحاد الأمة لأن درجات الأنبياء في غاية الشرف وكل من كان كذلك كان صدور الذنب عنه أفحش كما قال تعالى يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين والمحصن يرجم وغيره يحد وحد العبد نصف حد الحر. نهج الحق ص : 158و الأصل فيه أن عمهم بالله تعالى أكثر وأتم وهم مهبط وحيه ومنازل ملائكته. ومن المعلوم أن كمال العلم يستلزم كثرة معرفته والخضوع والخشوع فينا في صدور الذنب لكن الإجماع دل على أن النبي ص لا يجوز أن يكون أقل حالا من آحاد الأمة. ومنها أنه يلزم أن يكون مردود الشهادة لقوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا فكيف تقبل شهادته في الوحي ويلزم أن يكون أدنى حالا من عدول الأمة وهو باطل بالإجماع. ومنها أنه لو صدر عنه الذنب لوجب الاقتداء به لقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فاتبعوني والتالي باطل بالإجماع وإلا اجتمع الوجوب والحرمة
المبحث الثالث في أنه يجب أن يكون منزها عن دناءة الآباء
وعهر الأمهات
مخ ۹۳