ذهب جميع العقلاء إلى ذلك عدا الأشاعرة فإنهم قالوا القدرة غير نهج الحق ص : 131صالحة للضدين وهو مناف لمفهوم القدرة فإن القادر هو الذي إذا شاء أن يفعل فعل وإذا شاء أن يترك ترك فلو فرضنا القدرة على أحد الضدين لا غير لم يكن الآخر مقدورا فلم يلزم من مفهوم القدر أنه إذا شاء أن يترك ترك
المطلب الخامس عشر في الإرادة
ذهبت الإمامية وجميع المعتزلة إلى أن الإنسان مريد لأفعاله بل كل قادر فإنه مريد لأنها صفة تقتضي التخصيص وأنها نفس الداعي. وخالفت الأشاعرة في ذلك فأثبتوا صفة زائدة عليه. وهذا من أغرب الأشياء وأعجبها لأن الفعل إذا كان صادرا عن الله تعالى ومستندا إليه وكان لا مؤثر إلا الله تعالى فأي دليل حينئذ يدل على ثبوت الإرادة وكيف يمكن ثبوتها لنا لأن طريق الإثبات هو أن القادر كما يقدر على الفعل كذا يقدر على الترك. فالقدرة صالحة للإيجاد والترك وإنما يتخصص أحد المقدورين بالوقوع دون الآخر بأمر غير القدرة الموجودة وغير العلم التابع فالمذهب الذي اختاروه لأنفسهم سد عليهم ما علم وجوده بالضرورة وهو القدرة والإرادة. فلينظر العاقل المنصف من نفسه هل يجوز له اتباع من ينكر الضروريات ويجحد الوجدانيات وهل يشك عاقل في أنه قادر مريد وأنه فرق بين حركاته الإرادية وحركة الجماد وهل يسوق لعاقل أن نهج الحق ص : 132يجعل مثل هؤلاء وسائط بينه وبين ربه وهل تتم له المحاجة عند الله تعالى بأني اتبعت هؤلاء ولا يسأل يومئذ كيف قلدت من تعلم بالضرورة بطلان قوله وهل سمعت تحريم التقليد في الكتاب العزيز مطلقا فكيف لأمثال هؤلاء فما يكون جوابهغدا لربه وما علينا إلا البلاغ المبين وقد طولنا في هذا الكتاب ليرجع الضال عن زلله ويستمر المستقيم على معتقده
مخ ۸۰