شبهه الأشاعرة في الجبر اعلم أن الأشاعرة احتجوا على مقالتهم بوجهين هما أقوى الوجوه عندهم يلزم منهما الخروج عن العقيدة ونحن نذكر ما قالوا ونبين دلالتهما على ما هو معلوم البطلان بالضرورة من دين النبي ص. الأول قالوا لو كان العبد فاعلا لشي ء ما بالقدرة والاختيار فإما أن يتمكن من ركه أو لا. والثاني يلزم منه الجبر لأن الفاعل الذي لا يتمكن من ترك ما يفعله موجب لا مختار كما يصدر عن النار الإحراق ولا تتمكن من تركه والأول إما أن يترجح الفعل حالة الإيجاد أو لا. والثاني أيضا أنه يلزم ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح لأنهما لما استويا من كل وجه بالنسبة إلى ما في نفس الأمر وبالنسبة إلى القادر الموجد كان ترجيح القادر للفعل على الترك ترجيحا للمساوي بغير مرجح وإن ترجح فإن لم ينته إلى حد الوجوب أمكن حصول المرجوح مع تحقق الرجحان وهو محال. أما أولا فلامتناع وقوعه حالة التساوي فحالة المرجوحية أولى. وأما ثانيا فلأنه مع قيد الرجحان يمكن وقوع المرجوح فلنفرضه واقعا في وقت والراجح في آخر فترجيح أحد الوقتين بأحد الأمرين لا بد له من مرجح غير المرجح الأول وإلا لزم ترجيح أحد المتساويين نهج الحق ص : 122بغير مرجح فينتهي إلى حد الوجوب وإلا تلسل وإذا امتنع وقوع الأثر إلا مع الوجوب والواجب غير مقدور ونقيضه ممتنع غير مقدور أيضا فيلزم الجبر والإيجاب فلا يكون العبد مختارا. الثاني أن كل ما يقع فإن الله تعالى قد علم وقوعه قبل وقوعه وكل ما لم يقع فإن الله قد علم في الأزل عدم وقوعه وما علم الله وقوعه فهو واجب الوقوع وإلا لزم انقلاب علم الله تعالى جهلا وهو محال وما علم عدم وقوعه فهو ممتنع إذ لو وقع انقلب علم الله تعالى جهلا وهو محال أيضا والواجب والممتنع غير مقدورين للعبد فيلزم الجبر.
الجواب عن شبهه الأشاعرة
والجواب عن الوجهين من حيث النقض ومن حيث المعارضة.
مخ ۷۲