ومنها
أنه يلزم تجويز تعذيب أعظم المطيعين لله تعالى كالنبي ص بأعظم أنواع العذاب وإثابة أعظم العاصين له كإبليس وفرعون بأعظم مراتب الثواب لأنه إذا كان يفعل لا لغرض وغاية ولا لكون الفعل حسنا ولا يترك الفعل لكونه قبيحا بل مجانا لغير غرض لم يكن تفاوت بين سيد المرسلين وبين إبليس في الثواب والعقاب فإنه لا يثيب المطيع لطاعته ولا يعاقب العاصي لعصيانه فهذان الوصفان إذا تجردا عند الاعتبار في الإثابة والانتقام لم يكن لأحدهما أولوية الثواب ولا العقاب دون الآخر. فهل يجوز لعاقل يخاف الله تعالى وعقابه أن يعتقد في الله تعالى مثل هذه العقائد الفاسدة مع أن الواحد منا لو نسب غيره إلى أنه يسي ء إلى من أحسن إليه ويحسن إلى من أساء إليه قابله بالشتم والسب ولم يرض ذلك منه فكيف يليق أن ينسب ربه إلى شي ء يكرهه أدون الناس لنفسه
المطلب الخامس في أنه تعالى يريد الطاعات ويكره المعاصي
هذا مذهب الإمامية قالوا إن الله تعالى أراد الطاعات ولم يرد المعاصي سواء وقعت أو لا وكره المعاصي سواء وقعت أم لا ولم يكره الطاعات سواء وقعت أم لا. وخالفت الأشاعرة مقتضى العقل والنقل في ذلك فذهبوا إلى أن الله نهج الحق ص : 95تعالى يريد كل ما وقع في الوجد سواء كان طاعة أو لا وسواء أمر به أو نهى عنه وكره كل ما لم يقع سواء كان طاعة أو لا وسواء أمر به أو نهى عنه فجعلوا كل المعاصي الواقعة في الوجود من الشرك والظلم والجور والعدوان وأنواع الشرور مرادة لله تعالى وأنه تعالى راض بها. وبعضهم قال إنه محب لها وكل الطاعات التي لم تصدر عن الكفار مكروهة لله تعالى غير مريد لها وأنه تعالى أمر بما لا يريد ونهى عما لا يكره وأن الكافر فعل في كفره ما هو مراد لله تعالى وترك ما كرهه تعالى من الإيمان والطاعة منه.
مخ ۴۹