أما بعد،،، فإن قوام الدين، وشعار المتقين اتباع سنن الأنبياء المقربين، صلوات الله عليهم أجمعين، واقتفاء آثار العلماء المنتجبين، ومجانبة الأعداء والجاحدين، أهل الشقاق المعاندين، قال الله تعالى، وهو أصدق القائلين لسيد المرسلين: [وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين] (¬1)، وقال له بعد ذكر جماعة من السادة الأنبياء؛ تنبيها وتحريضا لنا على الاقتداء: [أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده] (¬2)، وخاطب عباده الأصفياء الأتقياء، فقال: [يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء] (¬3)، وقال لهم في معرض الإرشاد والتبيين: [يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض/3أومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين * فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين] (¬4). وإذ ورد هذا التخصيص والتحذير، تعين اتباع كل من الأمرين، وبيانه على ذي اللب الخبير، العالم بأنه يسأل عن الفتيل (¬5) والنقير (¬6) والقطمير (¬1)، ويجازى بما عمل من خير جليل أو حقير، كيف ومن المعلوم عند ذوي البصائر فيما يقرؤونه: [وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه] (¬2)، وقد أعان بفضل الله ورحمته على ذلك في هذا الأوان، من أعز الله به الدين، ورفع به عنه الهوان، وأحل بمعانديه لباس الذل والصغار في كل مكان، ورفع / لمن أعان على ذلك بسببه أعلى الغرف في الجنات، وكتب له برحمته 3 ب على ما أولى من نعمته توقيع الأمان، فتأكد على المنصوب لإظهار المعروف، وإنكار المنكر إطلاق العنان، والمجاهدة لأعداء الله بالحجة والبرهان، لقوله تعالى في محكم القرآن: [يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان] (¬3)، ومن أهم ما يبدأ به من الإنكار على أهل الملتين: اليهود والنصارى الفجار، فيما ينسب إليهم من البيع والكنائس بهذه الديار، خصوصا بالقاهرة، التي اتفق القاصي والداني على أنها بلدة إسلامية، أنشأها المعز (¬4) في القرن الرابع من الهجرة النبوية، قيل: وكان ذلك في سنة اثنين وستين وثلاثمائة / وزعم المعاندون والفجار4 أأن ما بها من ذلك كان قبل الفتح، ووقع عليه الصلح، فلا يجوز أن يتعرض له بإنكار، فعند ذلك استخار الله العظيم الحليم الكريم العلي العظيم العبد الفقير إلى رحمة ربه الرحيم، الراجي هدايته ونفعه، أحمد بن محمد بن على بن الرفعة في استخراج ما تقتضيه قواعد مذهبه، وفروع مهذبه، وهو مذهب الإمام الشافعي المطلبي محمد بن إدريس، القائم في الله حق القيام في التصنيف والفتوى والتدريس، فقال بفضل الله العميم:
بسم الله الرحمن الرحيم
### | الدليل على رد ما ذكر في القاهرة المعزية من الدعوى
التي لا يظهر إن شاء الله بعونه وقوته لها جدوى من كلام الشافعي رحمه اله وأصحابه النص والفحوى / وذلك من خمسة أوجه، نبينها إن شاءالله معتصمين 4 ب بحبله الأقوى، عاملين بقوله تعالى: [وتزودوا فإن خير الزاد التقوى] (¬1)، وذلك بعد الافتتاح بما يحتاج إلى ذكره في الجملة من آي الكتاب، ومأثور السنة، فمن ذلك قوله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا] (¬2)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لو أعطي الناس بدعاويهم لادعى ناس دماء ناس وأموالهم، لكن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) (¬3) أخرجه البخاري ومسلم بمعناه.
مخ ۸