أحدهما: كون الظاهر أنها وضعت بحق ولا يستلزم ذلك مخالفة أصل آخر، وهو اثبات استحقاق الوضع، أو وجوده في زمن متقدم، وقع النزاع فيه ، ولا كذلك ما نحن فيه، فإنا لو حملنا ذلك على أنه لو وضع بحق، لاستلزم مخالفة الأصل المذكو، وشرط / العلة في الفرع أن لا تنقص عن العلة21 ب في الأصل، وقد نقصت، لأن استلزام ذلك إلى وجود في الماضي، والأصل عدمه، لضعف الظهور المذكور.
والأمر الثاني أن الجذوع إذا حملت على أنها وضعت بحق، فالأمر فيها سهل، لأنها لم تفوت عى صاحب الجدار انتفاعا به أحفاد، ولهذا أجبر على وضعها على القول القديم، وجازت المصالحة عليها من غير تقدير مدة، مع قولنا إنها إجارة، وجازت على غير عين، مع قولنا إنها بيع، ولا كذلك ما نحن فيه، فإن المفوت بالتقرير أمكنه مقصوده لعينها، فجاز أن لا يكتفي في استحقاقها بمجرد الظهور.
وأيضا فمسألة الجذوع مفروضة فيما إذا لم يدع صاحبها أن صاحب الجدار أذن له في وضعها بل ادعى استحقاق الوضع، وجهل / الحال 22 أحتى لو قال صاحب الحائط: أنت أذنت لي، أو صالحتني عليها، وقال له: بل غصبتني، فتشبه أن تكون كمثل دعوى غصب الدابة، ومن هي في يده يدعي إعارتها، وإذا كان كذلك، فارقت مسألة الجذوع ما نحن فيه، لأن المعاندين يزعمون أنا صالحناهم على إبقاء الكنائس المذكورة، وبذلك يقال ومسألة الجذوع، حيث يقال إن الظاهر فيها أنها وضعت بحق.
فإن قيل: هذا لايقطع الإلحاق، لأن ما نحن فيه يصير كما قلت شبيها بما إذا قال صاحب الجذوع: أعرتني أو صالحتني، وقال صاحب الجدار: بل غصبتني، وإن ذلك يشبه أن يكون كدعوى غصب الدابة، وقد سلف في تقرير السؤال أن نص الشافعي في دعوى غصب الدابة: إن القول قول مدعي العارية، وقضية ذلك أن يكون القول قول المعاندين.
مخ ۳۵