وفاعل كل كلام كلم به أحدا من عباده ، والقرآن كلام الله ووحيه ، وتنزيله الذي احدثه لرسوله وجعله هدى.
وسمى نفسه فيه بالاسماء الحسنى ، ووصفها فيه بالصفات المثلى ليسميه بها العباد ، ويصفوه بها ويسبحوه ويقدسوه ولا إله إلا الله وحده ، ولا قديم إلا الله دون غيره من كل اسم وصفة ومن كل كلام وكتاب ، ومن كل شيء جاز أن يذكره ذاكر ، أو يخطره على باله مفكر. هذا قولنا في توحيد ربنا.
دعوة أهل الحق في العدل
فأما قولنا في عدله وهو المقصود من هذا الكتاب وإنما أوردنا معه غيره ؛ لأنا أردنا إيراد جملة الاعتقاد فإنا نشهد أنه العدل الذي لا يجوز ، والحكيم الذي لا يظلم ولا يظلم ، وأنه لا يكلف عباده ما لا يطيقون ، ولا يأمرهم بما لا يستطيعون ، ولا يتعبدهم بما ليس لهم إليه سبيل ؛ لأنه أحكم الحاكمين ، وأرحم الراحمين الذي أمرنا بالطاعة ، وقدم الاستطاعة ، وأزاح العلة ، ونصب الأدلة ، وأقام الحجة وأراد اليسر ولم يرد العسر ، فلا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا يحملها ما ليس من طاقتها ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ، ولا يؤاخذ أحدا بذنب غيره ، ولا يعذبه على ما ليس من فعله ، ولا يطالبه بغير جنايته وكسبه ، ولا يلومه على ما خلقه فيه ، ولا يستبطئه فيما لم يقدره عليه ، ولا يعاقبه إلا باستحقاقه ، ولا يعذبه إلا بما جناه على نفسه ، وأقام الحجة عليه فيه ، المنزه عن القبائح ، والمبرأ عن الفواحش ، والمتعالي عن فعل الظلم والعدوان ، وعن قول الزور والبهتان الذي لا يحب الفساد ، ولا يريد ظلما للعباد ، ولا يأمر بالفحشاء ، ولا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ، وكل فعله حسن ، وكل صنعه جيد وكل تدبيره حكمة.
سبحانه وتعالى عما وصفه به القدرية المجبرة المفترون الذين أضافوا إليه
مخ ۳۵۵