فإن قيل : ما أنكرتم أن يكون الاستفهام إنما يحسن مع اقتران اللفظ ، لا مع إطلاقه.
قلنا : اللفظ الوارد لا يخلو من اقسام ثلاثة : إما أن يرد مطلقا ، أو مقترنا بما يقتضي العموم ، أو يقترن بما يقتضي الخصوص ، ومع الوجهين الآخرين لا يحسن الاستفهام ، لحصول العلم بعموم أو خصوص ، فثبت أنه إنما يحسن مع الإطلاق.
فإن قيل : الاستفهام يحسن على أحد وجهين : إما أن يكون المخاطب يعتقد أن لفظ العموم مشترك ، فيستفهم لذلك ، أو يكون المخاطب قد يعتقد ذلك ، فيحسن استفهامه ، لتجويز أن يعدل من معنى إلى معنى في الألفاظ المشتركة.
قلنا : كلامنا إنما هو في حسن استفهام أهل اللغة ، ومن لا مذهب له في العموم والخصوص يعرف.
وبعد ، فقد يحسن استفهام من لا يعرف مذهبه في هذا الباب ، ويستحسن الناس أيضا استفهام من يرونه يستفهم عن هذا الألفاظ ، وإن لم يعرفوا شيئا مما ذكر في السؤال.
فإن قيل : هذا الطريقة تقتضي اشتراك جميع الألفاظ ؛ لأنه يحسن ممن سمع قائلا يقول : ضربت أبي ، أو شتمت الأمير ، أن يقول مستفهما أباك؟ الأمير؟ فيجب بطلان الاختصاص في الألفاظ.
قلنا : الاستفهام إنما يطلب به المعرفة وقد يرد بصورته ما ليس باستفهام فقول القائل : أباك! الأمير! إنما هو استكبار واستعظام وليس باستفهام ، ألا ترى أنه لا يحسن أن يقول أضربت أباك أم لم تضربه؟
فإن قيل : فقد يستفهم من قال : «صمت شهرا» ، و «له عندي عشرة» ، عن كمال الشهر ، والعشرة ، وكذلك إذا قال : «لقيت الأمير» و «جاءني فلان» ، يحسن أن يقال لقيت الأمير نفسه؟ أو جاءك فلان بنفسه؟
قلنا : أما لفظة شهر ، فإنها تقع على الثلاثين ، وعلى التسعة وعشرين ، وهو
مخ ۱۳۷