136

أن الله تعالى علم من حال جماعتهم من نفي الخطأ ما لم يعلمه من الآحاد ، فمن أين لهم استمرار هذا الحكم في كل عصر؟! وقد ألزمناهم إذا كانوا مستدلين بالآية أن يراد بلفظة «المؤمنين» إذا حملت على العموم كل مؤمن إلى أن تقوم الساعة على الإجماع ، ومتى خصوا بذلك أهل كل عصر كانوا تاركين للظاهر ، وغير منفصلين ممن حمل ذلك على بعض مؤمني كل عصر. وكذلك الكلام عليهم إذا استدلوا بالخبر. فوضح ما قلناه.

[الخامس : ] فصل في أن انقراض العصر غير معتبر في الإجماع

اعلم أن علة كون الإجماع فيه الحجة على ما ذهبنا يبطل اعتبار انقراض العصر ، ولمن ذهب من مخالفينا إلى أن للإجماع تأثيرا أن يقول : الدلالة قد دلت على أنه إنما كان حجة لكونه إجماعا ، وهو قبل انقراض العصر بهذه الصفة ، فلا معنى لاعتبار غيرها.

[السادس] : فصل في أن الإجماع بعد الخلاف هل يزيل

* حكم الخلاف أم لا؟

اختلف الناس في هذه المسألة : فذهب قوم إلى أن حكم الخلاف باق لا يزول بالإجماع الثاني ، وقال آخرون : إن الإجماع على أحد القولين يمنع من القول بالآخر ، ويجرونه مجرى الإجماع المبتدأ في المنع من خلافه ، وفيهم من فصل بين أن يكون المجمعون ثانيا هو المختلفون أولا ، فقال : إذا كان المجمعون هم المختلفون كان إجماعا يمنع من القول الآخر ، وإن كانوا غيرهم لم يكن كذلك. وقد حكي عن بعضهم أنه منع من وقوع إجماع بعد اختلاف أصلا. والصحيح أن الإجماع بعد الخلاف كالإجماع المبتدأ في أنه حجة يمنع

مخ ۲۵۴