لا دليل للفلاسفة الماديين على نفي القسم الثالث ، بل لدينا قرائن كثيرة تثبت واقعية هذا القسم من الرؤيا ، وقذ ذكرنا عدة نماذج حية لا تقبل الخطأ والمناقشة في التفسير الأمثل (1).
والجدير ذكره أن القرآن ذكر سبعة موارد على الأقل من موارد الرؤيا الصادقة ، وذكرها هنا يناسب تفسيرنا الموضوعي :
1 تحدث القرآن في سورة الفتح عن الرؤيا الصادقة للرسول ، حيث رأى نفسه مع أصحابه يدخلون مكة لأداء مناسك العمرة وزيارة بيت الله الحرام ، فأفصح الرسول عن منامه هذا للمسلمين ففرحوا ، إلاأنهم تصوروا أن الرؤيا هذه تحققت في السنة السادسة عندما حصل صلح الحديبية ، ولم يحصل الفتح يومذاك ، إلاأن الرسول طمأنهم بأن الرؤيا صادقة وستتحقق يوما ما.
** وقد أجاب القرآن أولئك الذين شككوا في صدق الرؤيا بقوله :
( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لاتخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ). (الفتح / 27)
تحقق المنام بجزئياته في ذي القعدة من السنة السابعة للهجرة ، وقد عرفت العمرة في تلك السنة ب «عمرة القضاء» لأن المسلمين كانوا قاصدين أداءها في السنة السادسة ، لكن قريش منعتهم منها.
رغم أن المسلمين دخلوا مكة (التي تعتبر مركزا لقدرة المشركين وسلطانهم) من دون سلاح ، إلاأن ابهتهم كانت مشهودة للأعداء ، وقد صدق عليهم تعبير «آمنين» و «لا تخافون» بالكامل فأدوا مراسم زيارة بيت الله وبه تحقق منام الرسول صلى الله عليه وآله بجميع خصوصياته رغم أن تخمين وقوع أمر كهذا كان شبه مستحيل ، وهذا من عجائب تاريخ الإسلام.
2 وقد أشير في سورة الاسراء إلى رؤيا اخرى للرسول صلى الله عليه وآله إشارة عابرة وقصيرة حيث قال تعالى :
مخ ۲۱۳