ولد صاحب الترجمة بصنعاء في سنة أربع وتسعبن ومائة وألف ونشأ في حجر والده وعمه المولى جمال الدين، ولم يزل يجد في طلب العلم حتى برع في علوم الآلة وطالع الدواوين الشعرية والكتب التاريخية حتى مهر فيها، وله ذهن سيال وذكاء متوقد، وفكر صادق وفهم جيد، فلم يحتج في معرفة الفنون إلا إلى قراءات يسيرة.
ثم اشتغل بعلم المعقول شغلة عظيمة ونظر في (هداية الحكمة)(1) للأبهري وشرحها، وفي (شرح التجريد) (2) للطوسي بعد حفظ التجريد غيبا، وفي (النجاة) (3) لابن سينا وفي (تحرير إقليدس) [83أ-ج] في الهندسة ووقف على أسرار علوم الإشراقيين فانفتحت له مقفلات المباحث الصوفية، ومشى في تلك الطريقة حتى وقف على الحقيقة وبالجملة فله ميل كلي إلى علوم المعقول وتحقيق مباحثها، وكشف أستار مسائلها.
وله محبة للخمول وقطع العلائق، هذا وعذاره مخضر وروض شبيبته أنظر، وكان قد أقبل على الشعر فنظم منه دررا.
[نماذج من شعره]
فمنه ما كتبه إلى جامع هذه التراجم إبراهيم بن عبد الله الحوثي [45أ-ب]، وذلك في سنة إحدى عشرة ومائتين وألف:(4)
رفل النسيم بنشره المتأرج (5)
هو خندريس (6) الشم في كأس الصبى
ما ضر من خلعوا عليه حلي الشذا
فلقد غدا ملك النسيم بنشر هم
قد كان لي كقميص يوسف للجوىى
يا نازحا ليس السقام محبة
تعبا أعلل في هواكم مهجة
رسم الزمان بكم سطور سلونا
وبهجركم وبهجركم ختم الكتابة طاويا
إني لأشكو للصبا دمع النوى (7)
فببعدكم عبست ليالينا التي ضحكت
أذكيتم نار الكليم يثيرها
وبمهجتي بردا سلام فلتكن
هو روح أجسام العلى ولشمسه
وخليل كل فضيلة ووليها
يا صارما يهدى إليك تحية
تغشى حماك لنشر طي وريقها ... وأتاك يسحب ذيل برد مزعج
مخ ۲۳۲