أما مؤسس الإمامة الزيدية في اليمن فهو الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي(2)، الذي قدم من جبل الرس بالقرب من المدينة المنورة إلى اليمن في أواخر القرن الثالث الهجري / العاشر الميلادي عام (284ه / 897م)، وبويع له من قبل أهالي اليمن في عام (288ه / 900م)، وقد ساعدوه، وتعهدوا له بالسمع والطاعة، وبنصرته على أن يحل خلافاتهم، فاستجاب لهم ولرغبتهم، وأقام عليه السلام في صعدة، ووصل إلى خولان، ودخل في صراع مع قبائلها وقبائل همدان(3) والقرامطة، وبني يعفر(4)، وبعد أن استقر في صعدة أقام الشريعة الإسلامية وضبط القواعد والمعاملات، وأرسى الأسس والدعائم القوية الثابتة التي ساعدته وخلفاءه من بعده للتصدي لأي قوة معادية لهم، كما ساهمت الظروف الطبيعية والبشرية في نجاح ذلك، هذا بالإضافة إلى العوامل التاريخية، فمنذ أن استدعى أهل اليمن الإمام الهادي -عليه السلام- إلى بلادهم ليعالج الفتن التي نشبت بينهم وليقضي على الاضطرابات التي أثارها الإسماعيليون، منذ ذلك الوقت واليمنيون ملتفون حول أئمة الزيدية لما وجدوه فيهم من عدل وإقامة جادة وحقيقية لأحكام الشريعة الإسلامية.
امتدت حدود الدولة الزيدية في اليمن إلى ما يلي صنعاء جنوبا حتى أقصى شمال اليمن، هذا كان في البداية، وعليه فلظهور الدولة الزيدية في شمال اليمن أثر كبير في ازدياد هجرة أسر الأشراف السادة إلى تلك الجهة، واتخاذها موطنا آمنا، هربا من اضطهاد الحكومة السائدة في بلدانهم.
يعتبر المذهب الزيدي أكثر المذاهب اعتدالا ووسطية وعقلانية، وعليه فقد كان المذهب الزيدي كما يقول البعض:
«سنة الشيعة وشيعة السنة».
فهو إذ نبذ التطرف من كلا الجانبين السني والشيعي، وجاء خالصا مخلصا من كل غلو وتعصب. امتثالا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار في الإسلام)). وهذا يمثل رأي الكثيرين من العلماء والباحثين والمؤرخين على اختلاف مذاهبهم، وهو كذلك رأي المستشرقين غير المسلمين الذين تعمقوا في مبادئه ومقوماته وأسسه وتعاليمه المأخوذة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
مخ ۲۱