﵃: العلوم أربعة: الفقه للأديان، والطب للأبدان، والنجوم للأزمان، والنحو للّسان، وقيل: العالم طبيب هذه الأمة والدنيا داؤها، فإذا كان الطبيب يطلب الداء فمتى يبرىء غيره.
وسئل الشعبي عن مسألة فقال: لا علم لي بها، فقيل له: لا تستحي، فقال: ولم أستحي مما لم تستح الملائكة منه حين قالت لا علم لنا، وعن النبي ﷺ: «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم»، وروي: كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب.
وقال علي كرم الله وجهه: من نصّب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، وقيل: مؤدب نفسه ومعلمها أحق بالإجلال من مؤدب الناس ومعلمهم.
وأنشدوا:
يا أيّها الرّجل المعلّم غيره ... هلّا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضّنى ... كيما يصحّ به وأنت سقيم «١»
ونراك تصلح بالرشاد عقولنا ... أبدا وأنت من الرشاد عديم
فابدأ بنفسك فانهها عن غيّها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويهتدى ... بالقول منك وينفع التّعليم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
وقال بعضهم:
إنّي رأيت الناس في عصرنا ... لا يطلبون العلم للعلم
إلّا مباهاة لأصحابه ... وعدّة للغشّ والظّلم
نظر رجل إلى امرأته وهي صاعدة في السلم، فقال لها:
أنت طالق إن صعدت، وطالق إن نزلت، وطالق إن وقفت، فرمت نفسها إلى الأرض، فقال لها: فداك أبي وأمي إن مات الإمام مالك أحتاج إليك أهل المدينة في أحكامهم، وقال النبي ﷺ: «هلاك أمتي في شيئين: ترك العلم وجمع المال» .
وسئل رسول الله ﷺ عن أفضل الأعمال فقال: العلم بالله، والفقه في دينه، وكررها عليه، فقال يا رسول الله:
أسألك عن العمل، فتخبرني عن العلم، فقال: «إن العلم ينفعك معه قليل العمل، وإن الجهل لا ينفعك معه كثير العمل» .
وقال عيسى ﵇: من علم وعمل عد في الملكوت الأعظم عظيما.
وقال الخليل ﵇: العلوم أقفال والأسئلة مفاتيحها، وعنه ﵇: زلة العالم مضروب بها الطبل «٢»، وزلة الجاهل يخفيها الجهل «٣» .
وقال الحسن: رأيت أقواما من أصحاب رسول الله ﷺ يقولون: من عمل بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه، والعامل بغير علم كالسائر على غير طريق «٤»، فاطلبوا العلم طلبا لا يضر بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبا لا يضر بالعلم.
وقال يزيد بن ميسرة: من أراد بعلمه وجه الله تعالى أقبل الله بوجهه ووجوه العباد إليه، ومن أراد بعلمه غير وجه الله صرف الله وجهه ووجوه العباد عنه.
وعن أنس ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: ألا أخبركم بأجود الأجواد، قالوا: بلى يا رسول الله. قال:
الله أجود الأجواد، وأنا أجود ولد آدم، وأجود من بعدي رجل علم علما فنشره، يبعث يوم القيامة أمة وحده، ورجل جاد بنفسه في سبيل الله حتى قتل.
وقال الثوري: كان يقال: العالم الفاجر فتنة لكل مفتون.
عن الفضيل رحمه الله تعالى أنه قال: لو أن أهل العلم أكرموا أنفسهم وأعزوا هذا العلم وصانوه وأنزلوه حيث أنزله الله إذا لخضعت لهم رقاب الجبابرة وانقاد لهم الناس، وكانوا لهم تبعا، ولكنهم أذلوا أنفسهم وبذلوا علمهم لأبناء الدنيا فهانوا وذلوا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فأعظم بها مصيبة والله أعلم.
1 / 27