7
إلى أن قام في أيامنا العلامة الشيخ راغب الطباخ فعني بمصنف ابن الصلاح، ونشره نشرا دقيقا وعمم فائدته.
8
فرأينا نحن أن نقتطف من هذا المؤلف جميع ما ورد في معرفة من تقبل روايته ومن ترد.
قال ابن الصلاح: «أجمع جماهير أئمة الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه، وتفصيله أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق، وخوارم المروءة، متيقظا غير مغفل، حافظا إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابه أن حدث من كتابه، وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني، والله أعلم، ونوضح هذه الجملة بمسائل:
الأولى:
عدالة الراوي، تارة تثبت بتنصيص المعدلين على عدالته، وتارة تثبت بالاستفاضة. فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل، أو نحوهم من أهل العلم، وشاع الثناء عليه بالثقة والأمانة، استغني فيه بذلك عن بينة شاهدة بعدالته تنصيصا، وهذا هو الصحيح في مذهب الشافعي، وعليه الاعتماد في فن أصول الفقه، وممن ذكر ذلك من أهل الحديث أبو بكر الخطيب الحافظ، ومثل ذلك بمالك وشعبة والسفيانين والأوزاعي والليث وابن المبارك ... ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر، فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم، وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره على الطالبين، وتوسع ابن عبد البر الحافظ في هذا فقال: كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل، محمول في أمره أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه لقوله
صلى الله عليه وسلم : يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، وفيما قاله اتساع غير مرضي، والله أعلم.
والثانية:
ويعرف كون الراوي ضابطا بأن نعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان. فإن وجدنا رواياته موافقة، ولو من حيث المعنى لرواياتهم، أو موافقة لها في الأغلب، والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه، ولم نحتج بحديثه، والله أعلم.
ناپیژندل شوی مخ