أولادي فجزاه الله عني وعن المؤمنين خير الجزاء وحباه أفضل الحباء، وبعد سنتين انتقلت الوالدة المرحومة إلى رضوان الله ورحمته وفسيح جنته فصرت يتيما من الأبوين، وكان لي (رحمه الله تعالى) بمنزلتهما وأعظم وقرأت عنده (قدس الله تربته وأعلى في عليين رتبته) في النحو والصرف والمعاني والبيان والتوحيد والفقه، ثم سافرت إلى النجف الأشرف مهاجرا لتحصيل العلوم وحضرت متطفلا عند جملة من فضلائها وثلة من علمائها كالعلامة الأمين الشيخ محمد حسين الكاظمي أصلا والنجفي مدفنا وأهلا والفاضل ذي المجد والشرف الشيخ محمد طه نجف وسيدنا المقدس التقي الزاهد النقي السيد مرتضى ابن السيد مهدي الكشميري النجفي والعالم التقي الشيخ محمود ذهب النجفي المقدس والشيخ حسن ابن الشيخ مطر الجزائري وغيرهم من العلماء الأتقياء (قدس الله أرواحهم وطيب مراحهم ونور أشباحهم) وفي تاريخ هذا الكتاب لم يبق أحد منهم سوى ذكرهم الجميل المستطاب فهم أحياء وان ضمهم التراب (الناس موتى وأهل العلم أحياء):
فسبحان الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ذي الملك والملكوت والعزة والكبرياء والجبروت الذي يميت ملله ولا يموت، ولم اطلب إجازة من أحد منهم حياء وبعدا عن الاتهام بالاغراض الدنيوية الباطلة الدنية سوى ان سيدنا الجليل التقي الزاهد الأورع النقي السيد مرتضى الكشميري ابتدأني بالإجازة وأجاز لي رواية الكتب الأربعة وكتب جميع الأصحاب بل كتب جميع علماء الاسلام من الخاص والعام في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المكرم في الروضة الحيدرية مقابلا لوجه أمير المؤمنين وسيد المسلمين عليه آلاف الصلاة والسلام وكان السيد المذكور مجازا من أكثر علماء العراق عربا وعجما وكان (قدس الله سره ونور قبره) من العلماء الأوحدين والأتقياء الزاهدين والفضلاء المحققين والكملاء المدققين.
ولي من الكتابات التي لا ينبغي ان تذكر لولا ما التزمه في تراجم الأكثر:
منظومة في الأصول الخمسة كبيرة تقرب من أربعمائة بيت سميناها (جواهر المنظوم في معرفة المهيمن القيوم) ومنظومة ثانية سميناها (زواهر الزواجر في معرفة الكبائر) ذكرنا فيها سبعين كبيرة تقرب من أربعمائة بيت جيدة جامعة جدا ومنظومة في مواليد النبي والأئمة والزهراء ووفياتهم عليهم السلام سميناها (جامعة الأبواب لمن هم لله خير باب) ومنظومة سميناها (جامعة البيان في رجعة صاحب الزمان) تقرب من أربعمائة بيت جيدة جامعة جدا وأيضا لنا حواش كثيرة على شرح ابن أبي الحديد للنهج المرتضوي وردا عليه ولنا كتاب (رياض الأتقياء الورعين في شرح الأربعين وخاتمة الأربعين) اشتمل عنوانا على اثنين وخمسين حديثا مشروحة مبسوطة في الأصول والفروع والمواعظ والمناقب جيد جيدا ولنا (الجوهرة العزيزة في جواب المسالة الوجيزة) في التوحيد ولنا رسالة سميناها (الحق الواضح في أحوال العبد الصالح) وهو شيخنا العلامة الأسعد المرحوم ولنا بعض الحواشي المتفرقة على بعض الكتب الفقهية ولنا هذا الكتاب الذي نسأل الله تعالى اكماله بالحق والصواب ولنا كتاب سميناه ب (جنات تجري من تحتها الأنهار) في المناظيم والمدائح والمراثي وسائر الاشعار (انتهى).
هذا ما ذكره هو عن مؤلفاته. اما أحسن مؤلفاته فهو كتاب (أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين). وقد خدم في الكتاب تاريخ بلاده العلمي والأدبي اجل خدمة.
أبو عبد الله الحسين بن أبي القاسم علي بن نما الحلي الكاتب الشاعر، من أسرة حلية مشهورة، ذكره المنذري في وفيات سنة 618 قال: وفي الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول توفي الشيخ الأديب أبو عبد الله الحسين بن أبي القاسم علي بن نما الحلي الكاتب ببغداد ودفن من يومه بالمشهد، وهو من أهل الحلة المزيدية وسكن بغداد وخدم الامراء وكان له ترسل وشعر. حدث بشئ من شعره واخبر ان مولده في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. وقال مرة أخرى: سنة تسع وعشرين. وقال مرة أخرى: سنة اربع وثلاثين وخمسمائة " اه ".
وذكره ابن الدبيثي في " الحسينيين " من تاريخه لبغداد قال: الحسين بن علي بن نما أبو عبد الله بن أبي القاسم الكاتب، قدم بغداد واستوطنها وخدم الامراء وكان ترسل وشعر. سمعنا منه قطعا من شعره. أنشدنا أبو عبد الله بن الحسين بن علي بن نما ببغداد لنفسه من قصيدة له:
نفى وقدات الكرب عن روح قلبه نسيم سرى من صوب رضوي وهضبه فيا حبذا وانيه ضعفا إذا سرى يلاعب غصنا من أراك بقضبه جرى روحه في روح قلبي فزاده اشتياقا إلى ريا الحبيب وقربه أرى غصنا غضا ثناه نسيمه ثنى مارني عطفا لصوب مهبه فأفلت قلبي من حبائل وقده وطوقه روحا أريجا بقطبه (كذا) دعاني داعي الشويوم تحملوا فلبيته يا ليتني لم ألبه متى حن قلبي أن صبري فبرده بمعترك فيه المنايا ونصبه (كذا) تمر خطوب الافتراق تمردا عنيفا فتبا للفراق وخطبه فوا لهفتا إذ صار سهل فراقكم ببعدكم وعرا كقدس وشعبه وقال ابن الدبيثي في ترجمة عرس الدين بدر الدولة من أبي الحسن علي بن أقسنقر الناصري الأمير: كتب الأديب كافي الدين الحسين بن علي بن نما الحلي على لسان غرس الدولة يذكر الصنع الذي أدركه مالك رقة سنة سبع وتسعين وخمسمائة:
ملك الملوك أزلت عني صدمة لليتم فانحرفت مصاحبة اللقا وبنيت لي ركني وكان مهدما ونظمت لي شملي وكان مفرقا لم يبلغا أبواي في أمانيا بلغتنيها يا رفيع المرتقى وذكره عز الدين بن جماعة قال: أنبأنا الشريف تاج الدين الغرافي عن أبي عبد الله بن محمد (ابن النجار) البغدادي قال أنشدنا أبو عبد الله بن نما الكاتب لنفسه:
مخ ۴۱