أشرب اليوم من عقار كميت * واسقنيها على غناء الكميت ثم اسق النديم حتى تراه * وهو حي من الكميت كميت البرسيين جاء في الصفحة 374 من المجلد الثاني خلال الكلام عن (أبو عبد الله الباقطاني): " الق بين الفرات والبرنسيين وقل لهم لا يزوروا مقابر قريش "، ثم جاء في تتمة الكلام: " البرنسيين نسبة إلى برنس قرية بين الكوفة والحلة ".
ثم وردت هذه الكلمة في موضع آخر من الكتاب بلفظ " البرسيين " وورد في تفسيرها: " البرسيين عائلة ثانية من عائلات الشيعة ".
أما كلمة " البرنسيين " فهي تصحيف كلمة " البرسيين ". ويبدو أن كلمة " البرسيين " محرفة عن كلمة " الاريسيين " وهم الفلاحون والاكرة والمزارعون.
قال ابن الأثير في النهاية في شرح قوله صلى الله عليه وآله وسلم في كتابه إلى هرقل " فإن أبيت فعليك اثم الاريسيين " قال ابن الاعرابي وهم الأكارون، وقال أبو عبيدة هم الخدم والخول. والحقيقة أنهم لا يختلفان لأن الزراع كانوا قديما خولا وعبيدا لأهل الأرض المالكين.
بزرك أبو الحسن علوي عن عمر يناهز الثالثة والتسعين، توفي في المنفى أحد أعمدة الرواية والثقافة الإيرانية المعاصرة بزرك أبو الحسن علوي. وخلال أكثر من نصف قرن احتل مكانة بارزة في الحياة الثقافية لبلده، ويعد من ممثلي الأسلوب الحديث في كتابة الرواية الإيرانية المعاصرة.
ولد عام 1904 من عائلة علم وفضل، فالأب الذي امتهن التجارة اهتم بالأدب وكان من الشخصيات التي شاركت في حركة المشروطة ضد الاستبداد في إيران في نهاية القرن الماضي ومطلع الحالي. واضطر الأب إلى الهجرة مع أولاده الثلاثة ومنهم بزرك إلى باريس وبرلين، ليشكل في برلين حركة سياسية عرفت ب " اللجنة الوطنية " التي سرعان ما تحولت إلى ما يعرف ب " الحركة الجمهورية الثورية الإيرانية " بعد تعرفه على المفكر والشخصية اليسارية الإيرانية الدكتور تقي أراني.
في أجواء الحركة الفكرية والأدبية النشطة في أوروبا وبرلين على وجه الخصوص، ترعرع بزرك علوي وانتهل المعرفة في سنوات عمره الأولى. ففي برلين تعرف على آثار مشاهير الأدباء الأوروبيين، وركز بشكل خاص على الأدب والفن الألمانيين وتعمق في دراسة الألمانية ونمت لديه بواكير الاستعداد للكتابة. وما أن أتم دراسته في برلين حتى عاد إلى إيران عام 1928 ليعمل مدرسا في مدينة شيراز ثم انتقل للعمل في طهران.
بعد فترة وجيزة من عمله في إيران باشر بترجمة رواية " بستان الكرز " للروائي الروسي أنطون تشيخوف ثم ألحقها برواية " أعمال السيدة وارن " للكتاب الأرلندي الساخر جورج برناردشو. وتميزت ترجمته بالدقة واختار السلاسة والعبارات الفارسية الجميلة، ما أثار دهشة النقاد لقدرة هذا المترجم الشاب. وفي تلك الفترة تعرف على الروائي الإيراني المعروف صادق هدايت وتوطدت أواصر الصداقة والعمل المشترك بينهما. وإزاء التشويهات التي أصابت الثقافة الإيرانية في عهود الاستبداد بادر كل من صادق هدايت وبزرك علوي والرواني ش. برتو إلى إصدار كتاب عرف ب " انيران " احتوى على ثلاث قصص طريفة، الأولى بعنوان " ظل المغول " تتطرق إلى مرحلة الانحطاط في ظل السيطرة المغولية وكتبها صادق هدايت، والثانية بعنوان " الغول " تصف الحملة على إيران في القرن السابع، والثالثة حول هجوم الإسكندر المقدوني على إيران وكتبهاش. برتو.
وتفتحت قريحة بزرك علوي في رواية أخرى سميت ب " ريح السموم " وهي تعالج مظاهر الخير والجمال والتسامح التي مرت على إيران في فترة تاريخية معينة لتتحول هذه المظاهر لاحقا إلى العنف والقبح والشر. وارتبطت هذه الرواية بتصاعد المشاعر القومية في المجتمع الإيراني، خصوصا أن المثقفين يلمسون الانحدار أو الانهيار الذي أصاب إيران في سنوات الظلام والجهل.
وانضم بزرك علوي في تلك الفترة إلى حلقة من المثقفين عرفت ب " الربعة " ضمت خيرة كتاب الرواية في إيران والتي تسعى إلى تركيب جديد بين التاريخ الإيراني القديم والحديث وبين الأدب الأوروبي الصاعد. وكان عام 1930 عام تحول بالنسبة إلى بزرك علوي عندما أعاد علاقاته مع المفكر الدكتور تقي أراني، فقد تشذبت لدى علوي بفعل هذه العلاقة تلك الأفكار القومية التي وصلت حد التطرف والتي طغت على الشارع الإيراني في تلك الفترة. انتقد أراني هذه النزعة ووصفها بالعنصرية، وكان يسعى إلى جمع المثقفين الإيرانيين لمواجهة الاستبداد في إيران ليلعبوا دورهم في تطور الوعي الثقافي والاجتماعي لسواد الناس. وأعاد أراني إصدار مجلة " دنيا " في عام 1934 والتي كان يصدرها في ألمانيا في السابق، وأصبح بزرك علوي أحد الأعضاء الثلاثة في هيئة تحرير المجلة وأصدر في تلك الفترة روايته الشهيرة " الحقيبة ".
في عام 1937، هاجمت شرطة رضا شاه مقر المجلة واعتقلت محرريها وأشخاصا آخرين بلغ عددهم 53 بتهمة علاقتها بالكومنترن. وفي السجن اغتيل الدكتور تقي أراني وحكم على بزرك علوي بالسجن لمدة سبع سنوات.
في فترة السجن طرأ تطور جديد على فكر علوي ونظرته إلى الحياة فقد أخذ ينظر إلى الحياة نظرة انتقادية وسياسية مقرونة بالهزل والنوادر. قال علوي إن " الدكتور أراني جذبني نحو السياسة في الوقت الذي أثار هدايت في الاهتمام بالأدب ". وقد أثرت عليه أفكار أراني الذي كان ينتقد فكرة الإطلاق في العامل الاقتصادي بكونه عنصرا حاسما في تغيير المجتمع واعتبر أن لعلم النفس الاجتماعي والعامل الروحي دورا مهما في التغيير. وانعكست هذه الأفكار الجديدة في رواية علوي التي كتبها في السجن تحت عنوان " الأوراق " السجنية " والتي كان يرسلها بشكل سري وعلى لفافات السجائر إلى الخارج والتي لم يستطع نشرها إلا بعد سقوط رضا شاه في عام 1941. وقد ترجمت ونشرت هذه المذكرات في الولايات المتحدة عام 1985. وينطوي مضمونها على بيانات عاطفية حول الحياة في السجن مع مفارقاتها ونوادرها الواقعية الطريفة والمحزنة في آن واحد، وهو وصف لا سابق له في الأدب الإيراني المعاصر.
عام 1942 أصدر روايته المعروفة " 53 شخصا " التي تحكي وبشكل واقعي قصة الثلاثة وخمسين شخصا الذين اعتقلوا في عام 1935. هذه القصة فريدة في رسم صورة العاصفة في النصف الثاني من الثلاثينات في إيران.
وأعقب ذلك إصداره رواية أخرى هي " الرسائل ".
ويجمع النقاد على أن أبرز رواياته هي " عيناها " التي نشرها باللغة الفارسية عام 1925 وسبق أن نشرها باللغة الألمانية في عام 1950، وبيعت على نطاق واسع. هذه الرواية تصف الحب والحياة اليومية والنشاط السياسي لفنان تشكيلي وتجذب القارئ بطراوتها وعمقها الإنساني وحلاوة لغتها.
السنوات التي امتدت منذ عام 1941 وحتى عام 1952 كانت سنوات ثراء وعطاء وفير للراحل بزرك علوي. وليكن، سرعان ما انتكس هذه الإبداع أثر الانقلاب العسكري ضد حكومة الدكتور مصدق في عام 1953، ما اضطر الكاتب للجوء إلى منفاه في ألمانيا. وعكف على الدراسة والبحث في جامعة همبولت. وأصدر لاحقا روايته " الميرزا " التي تحكي عن حياة المهاجرين
مخ ۲۳