243

مروج الذهب او معدن جواهر

مروج الذهب ومعادن الجوهر

حتى نبههم بعض حكمائهم على أن الأفلاك والكواكب أقرب الأجسام المرئية إلى الله تعالى، وأنها حية ناطقة، وأن الملائكة تختلف فيما بينها وبين الله، وأن كل ما يحدث في هذا العالم فإنما هو على قدر ما تجري به الكواكب عن أمر الله، فعظموها وقربوا لها القرابين لتنفعهم، فمكثوا على ذلك دهرا، فلما رأوا الكواكب تخفى بالنهار وفي بعض أوقات الليل لما يعرض في الجو من السواتر أمرهم بعض من كان فيهم من حكمائهم أن يجعلوا لها أصناما وتماثيل على صورها وأشكالها، فجعلوا لها أصناما وتماثيل بعدد الكواكب الكبار المشهورة، وكل صنف منهم يعظم كوكبا منها، ويقرب لها نوعا من ا لقربان خلاف ما للآخر، على أنهم إذا عظموا ما صوروا من الأصنإم تحركت لهم الأجسام العلوية من السبعة بكل ما يريدون، وبنوا لكل صنم بيتا وهيكلا مفردا، وسموا تلك الهياكل بأسماء تلك الكواكب.

وقد ذهب قوم إلى أن البيت الحرام هو بيت زحل، وإنما طال عندهم بقاء هذا البيت على مرور الدهور معظما في سائر الأعصار لأنه بيت زحل، وأن زحل تولاه، لأن زحل من شأنه البقاء والثبوت، فما كان له فغير زائل ولا داثر، وعن التعظيم غير حائل، وذكروا أمورا أعرضنا عن ذكرها لشناعة وصفها.

بودابسف أول الصابئة

ولما طال عليهم العهد عبدوا الأصنام على أنها تقربهم إلى الله، وألفوا عبادة الكواكب، فلم يزالوا على ذلك حتى ظهر بوداسف بأرض الهند، وكان هنديا وقد كان بوداسف خرج من أرض الهند إلى السند، ثم سار إلى بلاد سجستان وبلاد زابلستان، وهي بلاد فيروز بن كبك، ثم دخل السند ثم إلى كرمان، فتنبأ وزعم أنه رسول الله، وأنه واسطة بين الله وبين خلقه، وأتى أرض فارس، وذلك في أوائل ملك طهمورث ملك فارس، وقيل: ذلك في مبك جم، وهو أول من أظهر مذاهب الصابئة على حسب ما قدمنا انفا فيما سلف من هذا الكتاب، وقد كان بوداسف أمر الناس بالزهد في هذا العالم والاشتغال بما على من العوالم؛إذ كان من هنالك بدء النفوس، وإليها يقع الصدر من هذا العالم.

وجدا بوداسف عند الناس عبادة الأصنام، والسجود لها، لشبه ذكرها، وقرب لعقولهم عبادتها بضروب من الحيل والخداع.

جم أول من دعا إلى عبادة النار

وذكر ذوو الخبرة بشأن هذا العالم وأخبار ملوكهم أن جم الملك أول من عظم النار، ودعا الناس إلى تعظيمها، وقال: إنها تشبه ضوء الشمس والكواكب؛لأن النور عنده أفضل من الظلمة!، وجعل للنور مراتب.

ثم تنازع هؤلاء بعده، فعظم كل فريق منهم ما يرون تعظيمه من الأسماء تقربا إلى الله بذلك ثم تنازعوا برهة من الزمان.

عمرو بن لحى أظهر الأصنام بمكة

ونشأ عمر وبن لحى فساد قومه بمكة واستولى على أمر البيت، ثم سار إلى مدينة البلقاء من عمل دمشق من أرض الشام، فرأى قوما يعبدون الأصنام، فسألهم عنها، فقالوا: هذه أرباب نتخذها: نستنصر بها فننصر، ونستسقي بها فنسقى، وكل ما نسألهم نعطى، فطلب منهم صنما يدعونه هبل، فسار به إلى مكة، ونصبه على الكعبة ومعه إساف ونائلة، ودعا الناس إلى تعظيمها وعبادتها، ففعلوا ذلك، إلى أن أظهر الله الإسلام وبعث محمدا عليه الصلاة السلام؛ فطهر البلاد، وأنقذ العباد.

البيت الحرام

وقد قال هؤلاء: إن البيت الحرام من البيوت السبعة المعظمة المتخذة على أسماء الكواكب من النيرين والخمسة.

بيت للمجوس بأصبهان

وبيت ثان معظم على رأس جبل بأصبهان يقال له مارس، وكانت فيه أصنام، إلى أن أخرجها منه يستاسف الملك لما تمجس وجعله بيت ناره، وذلك على ثلاثة فراسخ من أصبهان، وهذا البيت معظم عند المجوس إلى هذه الغاية.

بيت بالهند

والبيت الثالث يدعى مندوسان ببلاد الهند وهذا البيت تعظمه الهند ولى قرابين تقرب، وفيه أحجار المغناطيس الجاذبة والدافعة والمنزرة من أوصاف لا يسعنا الإخبار عنها؛فمن أراد أن يبحث عن ذكرها فليبحث، فإنه بيت مشهور ببلاد الهند.

بيت البرامكة ببلخ

مخ ۲۶۲