مروج الذهب او معدن جواهر
مروج الذهب ومعادن الجوهر
لأبقى عليكم آل عبس ذخيرة ... من العلم لا تبلى على سالف الدهر وقد رويت عن ابن عفير أخبار كثيرة في هذا المعنى وأشباهه من فنون الأخبار من أخبار بني إسرائيل وغيرها.
خلق الخيل
منها خبر خلق الخيل، وهو ما حدث به الحسن بن إبراهيم الشعبي القاضي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله المروزي قال: حدثنا أبو الحارث أسد بن سعيد بن كثير بن عفير، عن أبيه، عن جده كثير، عن جد أبيه عفير قال: قال عكرمة: أخبرني مولاي ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لما أراد أن يخلق الخيل أوحى إلى الريح الجنوبي: إني خالق منك خلقا فاجتمعي فاجتمعت، فأمر جبريل فأخذ منها قبضة ثم قال الله: هذه قبضتي، قال: ثم خلق الله منها فرسا كميتا، ثم قال الله: خلقتك فرسا، وجعلتك عربيا، وفضلتك على سائر ما خلقته من البهائم بسعة الرزق، والغنائم تقاد على ظهرك، والخير معقود بناصيتك، ثم أرسله، فصهل، فقال الله: باركت فيك، بصهيلك أرعب المشركين، وأملأ مسامعهم، وأزلزل أقد أمه م، ثم وسمه بغرة وتحجيل، فلما خلق الله آدم قال: يا أدم، أخبرني أي الدابتين أحب إليك الفرس أو البراق؟ قال: وصورة البراق على صورة البغل، لا ذكر ولا أنثى، فقال آدم: يا رب، اخترت أحسنهما وجها، فاختار الفرس، فقال الله: يا آدم اخترت عزك وعز ولدك باقيا ما بقوا وخلدوا " قال ابن عباس: فذلك الوسم فيه وفي ولده إلى يوم القيامة، يعني الغرة والتحجيل.
قال المسعودي رحمه الله: وقد ذكر عيسى بن لهيعة المصري في كتابه المترجم بكتاب الحلائب والجلائب وذكره لكل حلبة أجريت فيها الخيل في الجاهلية والإسلام: أن سليمان بن داود زؤد أناسا من الأزد فرسا يصيدون عليه، فسمي زاد الراكب، وكذلك ذكر ابن عريد في كتاب الخيل وغيره.
وللناس في الخيل أخبار عظيمة كثيرة قد أتينا على ذكرها في السالف من كتبنا.
ولولا أن المصنف حاطب ليل لذكره في تصنيفه من كل نوع لما ذكرنا هذه الأخبار؛ إذ الناس من أهل العلم والدراية في قبول الأخبار على وجوه.
الكلام على الأخبار
وقد ذهبت طائفة إلى أن الأخبار التي تقطع العذر وتوجب العلم والعمل هي أخبار الاستفاضة: ما رواه الكافة عن الكافة، وأن ما عدا ذلك فغير واجب قبوله.
وذهب الجمهور من فقهاء الأمصار إلى قبول خبر الاستفاضة، وهو خبر التواتر، وأنه يوجب العلم والعمل، وأوجبوا العمل بخبر الواحد، وزعموا أنه موجب للعمل دون العلم بأوصاف ذكروها.
ومن الناس من ذهب إلى غير هذه الوجوه في قبول الأخبار من الضرورية وغيرها.
وما ذكرناه من حديث النسناس والعنقاء وخلق الخيل فغير داخل في أخبار التواتر الموجبة للعمل واللاحقة بما أوجب العمل دون العلم، ولا بالأخبار المضطرة لسامعها إلى قبولها عند ورودها واعتقاد صحتها عن مخبرها، وهذا النوع من الأخبار قد قدمنا أنها في حيز الجائز الممكن الذي ليس بواجب ولا ممتنع، وهي لاحقة بالإسرائيليات من الأخبار والأخبار عن عجائب البحار. ولولا ما قدمنا آنفا من اشتراطنا على أنفسنا الاختصار والإيجاز لذكرنا ما اتصل بهذا المعنى من الأخبار مما رواه أصحاب الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم حملة السنن ونقلة الآثار، مما لا يتناكرونه، ويعرفونه ولا يدفعونه.
أمثلة من الأخبار
مخ ۲۵۸