236

مروج الذهب او معدن جواهر

مروج الذهب ومعادن الجوهر

قال المسعودي: والمواضع التي لا تسكن عند هذه الطائفة عدمت السكنى لعلتين: إحداهما إفراط الحر وإحراق الشمس وكثرة تواتر شعاعها على تلك الأرضين حتى قد جعلتها كلسية وأغاضت مياهها لكثرة التنشيف، والعلة الأخرى بعد الشمس عن الإقليم، وارتفاعها عن حوزته، فاكتنف تلك الأرضين البرد، واستولى عليها القر والجمد، فزاد إفراط البرد في الجو حتى أزال حسن الاعتدال ورفع فضيلة النشف، فلم تلبث الحرارة في الأجسام، ولم تظهر الرطوبة في إنماء الحيوان هنالك،فصارت تلك البلد قاعا صفصفا من الحيوان والنبات، وهذه البلدان التي تراها مفرطة الحرارة والبرودة هي تناسب ما ذكرنا من هذه الديار البلاقع. ولهذه الطائفة كلام كثير في فناء العالم ونقصه وعوده جديدا، وذكروا أن السلطان في هذا الوقت السنبلة وهو سبعة آلاف سنة، وذلك عمر هذا العالم البشري، وقد ساعد السنبلة المشتري في التدبير، وأن نهاية العالم. في كثرة قطع الكوكب المدبر المسافة التامة بالقوى، فإذا استكمل قطع المسافة التي ذكروها في الفلك فهنالك يقع النفاد ويكون الدثور بالعالم، والكواكب إذا كملت ما لها من كر ودور عاد التدبير إلى الأول منها، وعادت أشخاص كل عالم وصوره مع اجتماع المواد التي كانت له في حال حركة تأثير الكوكب الذي كان التدبير إليه وهكذا عند هؤلاء يجري شأن العالم سرمدا.

مدة سلطان الكوكب

وزعموا أن سلطان الحمل اثنا عشر ألف سنة وسلطان الثور إحدى عشرة ألف سنة، وسلطان الجوزاء عشرة آلاف سنة، وسلطان السرطان تسعة آلاف سنة، وسلطان الأسد ثمانية آلاف سنة، وسلطان السنبلة سبعة آلاف سنة، وسلطان الميزان ستة آلاف سنة وسلطان العقرب خمسة آلاف سنة وسلطان القوس أربعة آلاف سنة وسلطان الجدي ثلاثة لأف سنة، وسلطان الدلو ألفا سنة وسلطان الحوت ألف سنة، فجميع ذلك ثمانية وسبعون ألف سنة وعند ذلك هو انقضاء العالم ونقض ما فيه ورجوعه إلى كونه.

وتكلم هؤلاء في الجن الذين كانوا في الأرض قبل خلق الله آدم واستخلافه في الأرض، وأن المتولي لهم كوكب من الكواكب النارية.

وتكلم كلا الفريقين في أوج الشمس عند انفصالها إلى البروج الجنوبية وما يحدث في العالم في كون الشمال جنوبا والجنوب شمالا، وتحول العامر غامرا والغامر عامرا، على حسب ما ذكرنا في كتابنا المترجم بكتاب الزلف.

أجناس الأجسام

وقد ذهب غير هؤلاء ممن تقدم من الأوائل إلى أن التي وجد بها سائر الموجودات كالأول والثواني والثوالث على قدر مراتبها في العقل النفس والصورة والهيولى، وأنها المبادئ على حسب ما رتبناه وقدمناه في كتاب الزلف فما عدا ما وصفنا فهي الأجسام، وأناسها ستة: الجسم السماوي والجسم الأرضي والحيوان الناطق، والحيوان غير الناطق، والنبات، والأجسام الحجرية وهي المعدنية، والأستقصات الأربعة وهي النار والهوا والماء والأرض.

وتكلم هؤلاء فيما يخص كل واحد مما ذكرنا مما لا يحتمله كتابنا هذا؛ إذا كان فيه خروج عن الغرض الميمم فيه، وقد أتينا على بسط ذلك في كتاب الرؤوس السبعة، في باب السياسة المدنية، وعدد أجزائها وعللها الطبيعية وهل ملك تلك المدينة جزء من أجزائها أو من غيرها؟ وإليه نهاية أجزائها على حسب ما ذكره فرفوريوس في كتابه في وصف منازعة أفلاطون وأرسطاطاليس في ذلك.

فأما علة كون الشتاء بأرض الهند في الحالة التي يكون الصيف بها عندنا، و، لحالة التي يكون فيها عندنا الشتاء يكون الصيف عندهم فقد ذكرنا علة ذلك ووجه البرهان عليه، وأن ذلك للشمس في قربها وبعدها، وكذلك علة تكون السودان في بعض البقاع من الأرض دون بعض وتفلفل شعورهم، وغير ذلك من مشهور أوصافهم، وعلة تكون البيضان في بعض البقاع دون بعض وتفطر ألوان الصقالبة وشقرتهم وصهوبة شعورهم، وما لحق الترك من استرخاء مفاصلهم وتعوج أسواقهم ولين عظ أمه م حتى إن أحدهم ليرمى بالنشاب من خلف كرميه من قدام فيصير وجهه قفاه وقفاه وجهه،ومطاوعة فقارات الظهور لهم على ذلك، وكون الحمرة في وجوههم عند تكامل الحرارة في الوجه على الأغلب من كونها وارتفاعها؛ لغلبة البرد على مصداق ما ذكرنا فيما سلف من كتبنا في هذه المعاني المقم ذكرها. ولم نتعرض لذكر ما لم يصح عندنا في العالم وجوده حسا ولا خبرا قاطعا للعذر ولا دافعأ للريب ومزيلا للشك كأخبار العامة في كون النسناس، وأن وجوههم على نصف وجوه الناس، وأنهم ذوو أنياب، وقولهم في عنقاء مغرب. وقد زعم كثير من الناس أن الحيوان الناطق ثلاثة أجناس: ناس، ونسناس، ونسانس وهذا محال من القول؛ لأن النسناس إنما وقع هذا الاسم على السفلة من الناس والرذال وقد قال الحسن: ذهب الناس وبقي النسناس، وقال الشاعر:

ذهب الناس فاستقلوا، وصرنا ... خلفا في أراذل النسناس

أراد به ما وصفنا: أي ذهب الناس وبقي من لا خير فيه.

الجن وأنواعها

وقد ذهب كثير من الناس إلى أن الجن نوعان: أعلاهم وأشدهم الجن، وأخفضهم وأضعفهم الحن، وأنشد الراجز: مختلف نجرهم جن وحن

مخ ۲۵۵