مروج الذهب او معدن جواهر
مروج الذهب ومعادن الجوهر
فتهلل وجه النعمان بالسرور، ثم أمر فحشي فوه جوهرا، ثم قال: بمثل هذا فلتمدح الملوك.
بين النعمان وزيد بن عدي وكسرى
وقد كان النعمان قتل عدي بن زيد العباعي، وكان يكتب لكسري أبرويز بالعربية، ويترجم له إذا وفد عليه زعماء العرب؛لموجدة وجدها عليه النعمان، في خبر طويل الشرح، فلما قتل صار زيد بن عدي ابنه مكان أبيه، فذكر لأبرويز جمال نساء آل المنزر، ووصفهن له، فكتب إلى النعمان يأمره أن يبعث إليه بأخته، فلما قرأ النعمان كتابه، قال للرسول - وهو زيد بن عدي - : يا زيد، أما لكسرى فيمها السواد كفاية حتى يتخطى إلى العربيات؟ فقال زيد: إنما أراد الملك إكرامك - أبيت اللعن! - بصهرك، ولو علم أن ذلك يشق عليك لما فعله، وسأحسن ذلك عنده، وأعذرك بما يقبله، فقال له النعمان: فافعل، فقد تعرف ما على العرب في تزويج العجم من الغضاضة والشناعة، فلما انصرف إلى كسرى أخبره أنه رغب عنه فأدى إليه قوله في مها السواد على أقبح الوجوه، وأوجده عليه، وقال: المها؟ فقال: البقر، فأخذ عليه وقال: رب عبد قد صار في الطغيان إلى أكثر من هذا، فلما بلغت كلمته إلى النعمان تخوفه، فخرج هاربا حتى صار إلى طيىء، لصهر كان له فيهم، ثم خرج من عنهم حتى أتى بني رواحة بن ربيعه بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس، فقالوا له: أقم معنا فأنا مانعوك مما نمنع منه أنفسنا، فجزاهم الخير، ورحل عنهم يريد كسرى ليرى فيه رأيه، وذلك قول زهير بن أبي سلمى:
ألم تر للنعمان كان بنجوة ... من الدهر لو أن امرأ كان ناجيا
فغير عنه ملك عشرين حجة ... من الدهر يوم واحد كان غاويا
فلم أرمسلوبا له مثل ملكه ... أقل صديقا معطيا أو مواسيا
خلا أن حيا من رواحة حافظوا ... وكانوا أناسا يتقون المخازيا
يسيرون حتى جيشوا عند ثاره ... هجان المطايا و العتاق المذاكيا
فجازاهم خيرأ وأثنى عليهم ... وودعهم توديع أن لا تلاقيا
وأقبل النعمان حتى أتى المدائن، فصص له كسرى ثمانية آلاف جارية عليهن المصبغات صفين، فلما صار النعمان بينهن قلن له: أما فينا للمك غنى عن بقر السواد ا؛ فعلم النعمان أنه غير ناج منه، ولقيه زيد بن عدي، فقال له النعمان: أنت فعلت هذا بي، لئن تخلصت لأسقينك بكأس أبيك، فقال له زيد: امض نعيم، فقد أخيت لك أخية لا يقطعا المهر الأرن، وأمر كسرى بالنعمان، فحبس بساباط المدائن، ثم أمر به فرمي تحت أرجل الفيلة، وقال بعضهم: بل مات في محبسه بساباط، وقد ذكرت ذلك الشعراء فأكثرت؛ فمن ذلك قول الأعشى وأجاد:
ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بغبطته يعطي الصكاك ويرفق
ويجبى إليه المسلمون، وعنده ... صريعون في أنهارها والخورنق
ويقسم أمر الناس يومأ وليلة ... وهم ساكتون والمنية تنطق
فذاك، وما أنجى من الموت ربه ... بساباط حتى مات وهو محزرق
وقال هانىء بن مسعود الشيباني :
إن ذا التاج، لا أبا لك، أضحى ... في الورى رأسه تخوت الفيول
إن كسرى عدا على الملك النعمان حتى سقاه من البليل
ومما رثى به النعمان:
لم تبكه هند ولا أختها ... خرقاء، واستعجم ناعيه
بين فيول الهند تخبطنه ... مختبطا تدمى نواحيه
وقد كان النعمان حين أراد المضي إلى كسرى مستسلما مر على بني شيبان فأودعهم سلاحه وعياله عند هانى بن مسعود بن هانى السيباني، فلما أتى كسرى على النعمان بعث إلى هانى بن مسعود، وطالبه بتركته، فامتنع، وأبى أن يخفر الذمة، فكان ذلك السبب الذي أهاج حرب في قار، وقد أتينا على ذلك في الكتاب الأوسط فأغنى عن إعادته هنا.
بنت ألنعمان عند سعد بن أبي وقاص
مخ ۲۰۹