180

مروج الذهب او معدن جواهر

مروج الذهب ومعادن الجوهر

وكان الهيثم بن عمي الطائي ينكر أيضا أن يكون قحطان من ولد إسماعيل، وإنما إسماعيل تكلم بلغة جرهم؛ لأن إسماعيل كان سرياني اللسان على لغة أبيه خليل الرحمن حين أسكنه هو و أمه هاجر بمكة على ما ذكرنا، فصاهر جرهم، ونشأ على لغتها، ونطق بكل أمه ا وقفا في مراده خطابها. ونزار تأبى أن يكون إسماعيل نشأ على لغة جرهم، ويقولون: إن الله عز وجل أعطاه هذه اللغة، وذلك أن إبراهيم خلفه هو و أمه هاجر، وإسماعيل ابن ست عشرة سنة، وقيل: ابن أربع عشرة سنة، في واد غير ذي زرع، ولا أنيس، فحفظها الله تعالى، وأتبع لها زمزم، وعلم إسماعيل هذه اللغة العربية.

قالوا: ولغة جرهم غير هذه اللغة، ووجدنا لغة ولد قحطان بخلاف لغة ولد نزار بن معد، فهذا يقضي بإبطال قول من قال: إن إسماعيل أعرب بلغة جرهم، ولو وجب أن يكون إسماعيل إنما كان عربي اللسان لأجل جرهم ونشئه فيها لوجب أن تكون لغته موافقة للغة جرهم، أو لغير ممن نزل مكة، وقد وجدنا قحطان سرياني اللسان، وولده يعرب بخلاف لسانه، وليس منزلة يعرب عند الله أعلى من منزلة إسماعيل، ولا منزل قحطان أعلى من منزلة إبراهيم خليل الرحمن فيمنع إسماعيل فضيلة اللسان العربي التي أعطيها يعرب بن قحطان.

ولولد نزار وولد قحطان خطب طويل ومناظرات كثيرة لا يأتي علي كتابنا هذا، في التنازع والتفاخر بالأنبياء والملوك، وغير ذلك مما قد أتينا على ذكر جمل من حجاجهم وما أدلى به كل فريق منهم ممن سلف وخلف، وكذلك مناظرات السودان والبيضان والعرب والعجم ومناظرات الشعوبية في كتابنا أخبار الزمان.

وزعم الهيثم بن عدي أن جرهم بن عابر بن سبأ بن يقطن هو قحطان وتأول الهيثم قول النبي صلى الله عليه وسلم - حين قال للرماة من الأنصار، ارموا يا بني إسماعيل - أنه عليه السلام نسبهم إلى إسماعيل من جهة ال أمه ات، وما نالهم من الولادات من ولد إسماعيل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيل نسبا قد ثبت، ولا يثبت نسب قوم إلى غير آبائهم، وقد نقلوا ذلك قولا وعملا وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أن سائلا سأله من مراد عن سبأ: أرجلا كان أو امرأة أو واديا أو جبلا. فقال له: كان رجلا، ولد له عشرة فتشاءم أربعة وتيامن ستة: فالذين تشاءموا لخم وجذام وعاملة وغسان، والذين تيامنوا حمير والأزد ومذحج وكنانة والأشعريون وأنمار الذين هم بجيلة وخثعم.

وقال أبو المنذر: هو أنمار بن إياد بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ.

قال المسعودي: وقد تنوزع في نسب أنمار؛فذهب الأكثر إلى أن أنمارا وإيادا وربيعه ومضر بنو نزار بن معد بن عدنان، وإنما دخلوا في اليمن فأضيفوا إليهم، وما ذكرناه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن تيامن وتشاءم فمن أخبار الآحاد، وليس مجيئه مجيء الاستفاضة التي يقطع بها العذر ويثبت بها الحكم.

وللناس في هؤلاء كلام كثير، وقد ذكر هشام عن أبيه الكلبي قال: كان يقال لسائر ولد سبأ السبئيون، ولم تكن لهم قبائل تجمعهم دون سبأ.

وسنذكر فيما يرد من هذا الكتاب خبر عمرو بن عامر مزيقياء، وخبر طريفة الكاهنة، وخبر عمران الكاهن، وهو أخو عمرو بن عامر، وأخبار العرم والسيل، وما كان من كهانتهما في أمر السد وسيل العرم، وتفرق القبائل من مأرب، ومن لحق بعمان وشنوءة والسراة والشام وغير ذلك من بقاع الأرض.

ذكر اليمن وملوكها ومقدار سنيها

أول من يعد من ملوك اليمن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، واسمه عبد شمس، وقد أخبرنا فما سلف من هذا الكتاب وغيره من كتبنا لأية علة سمي سبأ على ما قيل، والله أعلم، وكان ملكه أربعمائة سنة وأربعا وثمانين سنة.

حمير

ثم ملك بعده ولده حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب، وكان أشجع الناس في وقته، وأفرسهم، وأكثرهم جمالا، وكان ملكه خمسين سنة وقيل: أكثر من ذلك، وقيل: أقل وكان يعرف بالمتوج وكان أول من وضع على رأسه تاج الذهب من ملوك اليمن.

كهلان

ثم ملك بعده أخوه كهلان بن سبأ، فطال عمره، وكبر سنه واستقامت له الأمور، وكان ملكه ثلثمائة سنة، وقيل غير ذلك.

ثم عاد الملك بعد أن هلك كهلان إلى ولد حمير؛لأخبار يطول ذكرها، وتنازع في الملك بين ولد حمير. وكهلان.

عمرو بن سبأ

ثم ملك أبو مالك عمرو بن سبأ، واتصل ملكه، وغمر الناس عدله وشملهم إحسانه، وكان ملكه ثلثمائة سنة.

قول آخر

وقيل: إن أول من ملك بعد كهلان الرائش، وهو الحارث بن شداد.

مخ ۱۹۸