مروج الذهب او معدن جواهر

المسعودي d. 346 AH
142

مروج الذهب او معدن جواهر

مروج الذهب ومعادن الجوهر

قال المسعودي: وأخبرني غير واحد من بلاد أخميم من صعيد مصر، عن أبي الفيض في النون بن إبراهيم المصري الإخميمي الزاهد، وكان حكيمأ، وكانت له طريقة يأتيها ونحلة يعضدها، وكان ممن يقرأ عن أخبار هذه البرابي ودارها وامتحن كثيرا مما صور فيها ورسم عليها من الكتابة والصور، قال: رأيت في بعض البرابي كتابا تدبرته، فإذا هو احفروا العبيد المعتقين، والأحداث المغترين والجند المتعبدين، والنبط المستعربين قال: ورأيت في بعضها كتابأ تدبرته فإذا فيه يقدر المقدور والقضاء يضحك وزعم أنه رأى في آخره كتابة وتبينها بذلك القلم الأول فوجدها:

تدئر بالنجوم ولمست تدري ... ورب النجم يفعل ما يريد

وكانت هذه الأمة التي أتخذت هذه البرابي لهجة بالنظر في أحكام النجوم مواظبة على معرفة أسرار الطبيعة، وكان عندها مما دلت عليه أحكام النجوم أن طوفانأ سيكون في الأرض، ولم تقطع بأن ذلك الطوفان ما هو: أنار تأتي على الأرض فتحرق ما عليها، أو ماء فيغرقها، أو سيف يبيد أهلها؟ فخافت دثور العلوم وفناءها بفناء أهلها، فاتخذت هذه البرابي، واحدها بربا، ورسمت فيها علومها من الصور والتماثيل والكتابة، وجعلت بنيانها نوعين: طينأ، وحجر أو فرزت ما يبنى بالطين مما يبنى بالحجر، وقالت: إن كان هذا الطوفان نارا استحجر ما يبنى من الطين وانحرق، وبقيت هذه العلوم، وإن كان الطوفان الوارد ماء أذهب ما يبنى بالطين، ويبقى ما يبنى بالحجارة، وإن كان الطوفان سيفا بقي كلا النوعين ما هو بالطين وما هو بالحجر، وهذا على ما قيل - والله أعلم - كان قبل الطوفان، وقيل: إن ذلك كان بعد الطوفان لرأن الطوفان الذي كانوا يرقبونه ولم يتيقنوا أنار هو أم ماء أم سيف، كان سيفا أتى على جميع أهل مصر من أمة غشيتها وملك نزل عليها فأباد أهلها ومنهم من رأى أن ذلك الطوفان كان وباء عم أهلها ومصداق ذلك ما يوجد ببلاد تنيس من التلال المنضدة من الناس من صغير وكبير، وذكر وأنثى، كالجبال العظام، وهي المعروفة ببلاد تنيس من أرض مصر بأبي الكوم وما يوجد ببلاد مصر وصعيدها من الناس المنكسين بعضهم على بعض في كهوف وغير ان ونواوشى، ومواضع كثيرة من الأرض لا يدرى من أي الأمم هم، فلا النصارى تخبر عنهم أنهم من أسلافهم، ولا اليهود تقول عنهم إنهم من أوائلهم، ولا المسلمون يدرون من هم ولا تاريخ ينبئ عن حالهم، عليهم أثوابهم، وكثيرا ما يوجد في تلك الروابي والجبال من حليهم ، والبرابي ببلاد مصر بنيان قائم عجيب: كالبربا المتخفة بأنصناء من صعيد مصر، وهو أحد الموصوفين منها، والبربا التي ببلاد أخميم، والبربا التي ببلاد سمنود، وغير ذلك.

الأهرامات أيضا

مخ ۱۶۰