مروج الذهب او معدن جواهر

المسعودي d. 346 AH
111

مروج الذهب او معدن جواهر

مروج الذهب ومعادن الجوهر

قال المسعودى: تنازع الناس في فرق اليونانيين؛ فذهب طائفة من الناس إلى أنهم ينتمون إلى الروم، ويضافون إلى ولد إسحاق، وقالت طائفة اخرى: إن يونان هو ابن يافث بن ينوح، وذهب قوم إلى أنهم من ولد آراش بن ناوان بن يافث بن نوح، وذهب قوم إلى أنهم قبيل متقدم في الزمان الأول، وإنما وهم من وهم أن اليونانين ينسبون إلى حيث تنسب الروم، و ينتمون إلى جدهم إبراهيم لأن الديار كانت مشتركة والمقاطن والمواطن كانت متساوية، وكان القوم قد شاركوا القوم في السجية والمذهب؛ فلذلك غلط من غلط في النسب، وجعل الأب واحدا ، وهذا طريق الصواب عند المفتشين، وسبيل البحث عند الباحثين، والروم قفت في لغاتها ووضع كتبها اليونانيين فلم يصلوا إلى كنه فصاحتهم وطلاقة ألسنتهم والروم أنقص في اللسان من اليونانيين، وأضعف في ترتيب الكلام الذي عليه نهج تعبيرهم وسنن خطابهم.

قال المسعودي: وقد ذكر ذوو العناية بأخبار المتقدمين أن يونان أخو قحطان، وأنه من ولد عابر بن شالخ، وأن أمره في الأنفصال عن دار أخيه كان سبب الشك في الشركة في النسب، وأنه خرج عن أرض اليمن في جماعة من ولده وأهله ومن انضاف إلى جملته حتى وافى أقاصي بلاد المغرب، فأقام هنالك، وأنسل في تلك الديار، واستعجم لسانه، ووازى من كان هنالك في اللغة الأعجمية من الإفرنجة رالروم، فزالت نسبته، وانقطع سببه، وصار منسيا في ديار اليمن غير معروف عند النسابين منهم وكان يونان جبارا عظيما، وسيما جسيما، وكان حسن العقل والخلق جزل الرأي، كثير الهمة، عظيم القدر.وقد كان يعقوب بن إسحاق الكندي يذهب في نسب يونان إلى ما ذكرنا من أنه أخ لقحطان، ويحتج لذلك بأخبار يذكرها في بدء الأنساب، ويوردها من حديث الآحاد والأفراد، لا من حديث الاستفاضة والكثرة.

وقد رد عليه أبو العباس عبد الله بن محمد الناشىء في قصيدة له طويلة، وذكر خلطه نسب يونان بقحطان، على حسب ما ذكرنا آنفا في صدر هذا الباب، فقال:

أبائوسف، إني نظرت فلم أجد ... على الفحص رايا صح منك ولاعقدا

وصرت حكيما عند قوم إذا امرؤ ... بلاهم جميعا لم يجد عندهم عندا

أتقرن إلحادا بدين محمد؟ ... لقد جئت شيئا يا أخا كنده إدا

ولخلط يونانأبقحطان ضلة ... لعمري لقد باعدت بينهماجدا

مساكن يونان

ولما نشأ ولديونان وكثرخرج يسيرفي الأرض يطلب موضعا يسكنه، فانتهى إلى موضع من الغرب، فنزل بمدينة أثينا، وهي المعروفة بمدينة الحكماء في ديار المغرب في صدر الزمان، وأقام بها هو ومن معه من ولده، فكثر نسله بها وبنى بها البنيان العظيم، إلى أن أدركته الوفاة، فجعل وصيته إلى الأكبر من ولده، واسمه حربيوس، فقال له: يا بني، إني قد وافيت الأجل، وقربص من الحتم الواجب، وإني راحل عنك ومفارقك، ومفارق إخواتك وأهل بيتك، وقد كانت أحوالكم حسنة النظام بي، وكنت لكم كهفا في الشدائد، وعونا على المحن، ومجنا من الزمان فعليك بالجود فإنه قطب الملك، ومفتاح السياسة، وباب السيادة، وكن حريصأ على اقتناء الرجال بالإنعام عليهم تكن سيدا رشيدا، وإياك والحيد عن الطريق المثلى التي عليها بني العقل، فإن من ترك رأي اللب وثمرة العقل تورط في المهالك، ووقع في مقابض المتالف.

حربيوس

ثم مات يونان، واستولى ولده حربيوس على مكان أبيه، وضم إليه أهله ووللى وعمل بما أمره ونما خبرهم، وكثر نسلهم، فغلبوا على ديار المغرب من بلاد الإفرنجة والنوكبرد، وأجناس الأمم من الصقالبة وغيرهم.

فيلبس

مخ ۱۲۶