تعد من الأفلاك أن مياهها ... نجوم لرجم المحل ذات ذوائب
وأطربها رقص الغصون ذوابلا ... فدارت بأمثال السيوف القواضب
" موسى بن سعيد ": له في المرقص قوله وهو والد المصنف:
الاحبذا روض كرنا له ضحى ... وفي وجنات الورد للطل أدمع
وقد جعلت بين الغصون نسيمة ... تمزق ثوب الظل منه وترقع
ونحن إذا ما وصلت القضب ركعًا ... نظل لها من هزة السكر نركع
" علي بن سعيد مصنف هذا الكتاب ": له في المرقص من أبيات في جورة الصالحية بمصر يذكر أحداق النيل بها:
وعانقها من فرط شوق لحسنها ... فمد يمينًا نحوها وشمالا
وقوله:
تزاحم في جانبيه الغصون ... كخيل فوارسهن الحمام
وقوله:
كأن خالًا لاح من خده ... للعين في سلسلة من عذار
أسيود يخدم في جنة ... قيده مولاه خوف الفرار
وله في فرس أصفر أغر أكحل:
عجبت له وهو الأصيل بعرفه ... ظلام وبين الناظرين صباح
القسم الثاني
من المطربات والمرقصات بسم الله الرحمن الرحيم
أخبار أبي نؤاس وجنان خاصة
كانت جنان هذه جارية آل عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي المحدث الذي كان إبن مناذر إبنه ورثاه بعد وفاته وقد مضت أخبارهما وكانت حلوة جميلة المنظر أديبة. ويقال أن أبا نواس لم يصدق في حبه امرأة غيرها. " أخبرني " محمد بن خلف إبن المرزبان قال: حدثني إسحق بن محمد عن أبي عثمان عن أصحاب أبي نواس قالوا: كانت جنان جارية حسناء أديبة عاقلة ظريفة تعرف الأخبار وتروي الأشعار. قال اليويو خاصة: وكانت لبعض الثقفيين بالبصرة فرآها أو نواس فأستحلاها وقال فيها اشعارًا كثيرة فقلت له يومًا: أن جنان قد عزمت على الحج فكان هذا سبب حجه وقال أما والله لا يفوتني المسير معها والحج عامي هذا إن قامت على عزيمتها فظننته عابثًا مازحًا فسبقها والله إلى الخروج بعد أن علم أنها خارجة وما كان نوى الحج ولا أحدث عزمه إلا خروجها وقال وقد حج وعاد:
ألم ترَ أنني أفنيت عمري ... بمطلبها ومطلبها عبير
فلما لم أجد سببًا إليها ... يقربني وأعيتني الأمور
حججت وقلت قد حجت جنان ... فيجمعني وإياها المسير
قال اليويو فحدثني من شهده لما حج مع جنان وقد أحرم فلما جنه الليل جعل يلبي بشعر ويحدو به ويطرب فغنى به كل من سمعه وهو قوله:
إلهنا ما أعدلك ... مليك كل من ملك
لبيك قد لبيت لك ... لبيك أن الحمد لك
والملك لا شريك لك ... والليل لما أن حلك
والسابحات في الفلك ... على مجاري المنسلك
ما خاب عبد أمّلك ... أنت له حيث سلك
لو لاك يا رب هلك ... كل نبي وملك
وكل من أهلّ لك ... سبح أو لبى فلك
يا مخطئًا ما أغفلك ... عجل وبادر أجلك
وأختم بخير عملك ... لبيك أن الملك لك
والحمد والنعمة لك ... والعز لا شريك لك
أخبرني أحمد بن عبيدة الله بن عمار وأحمد بن عبد العزيز الجوهري قالا حدثنا عمر بن شبة قال كانت جنان التي يذكرها أبو نواس جارية لآل عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي وفيها يقول:
جفن عيني قد كاد يسقط من طول ما أختلج
وفؤادي من حر حبك والهجر قد نضج
خبرني فدتك نفسي وأهلي متى الفرج
كان ميعادنا خرو ... ج زياد فقد خرج
أنت من قتل عائذ ... بك في أضيق الحرج
" أخبرني " أحمد بن عبيد الله بن عمار قال حدثني إسحق بن محمد النخعيّ. قال حدثني الجماز قال إبن مار وحدثني به قليب بن عيسى قال، كانت جنان قد شهدت عرسًا في جوار أبي نواس فأنصرفت منه وهو جالس معنا فرآها انشدنا بديهًا قوله:
شهدت جلوة العروس جنان ... فاستمالت بحسنها النظارة
حسبوها العروس حين رأوها ... فإليها دون العروس الإشارة
قال أهل العروس حين رأوها ... ما دهانا بها سواك عمارة
1 / 34