بسم الله الرحمن الرحيم
قال رئيس الأدباء، وعميد الفضلاء، نور الدين أبو الحسن علي بن الوزير العالم أبي عمران موسى بن محمد بن بد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن عثمان ن محمد بن عبد الله بن عمار بن ياسر العنبسي الأندلسي ﵀: أما بعد، حمدًا لله الذي شرف الإنسان، على سائر أنواع الحيوان، بنطق اللسان، ثم جعل أشرف بني آدم من إرتقت درجته في ذلك، وتلاعب بأطراف الكلام المشقق قي تلك المسالك، والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الهدى والرحمة، الذي أتاه الله من جوامع الكلام ما هو أجلى من مصابيح الظلمة، القائل أن من البيان لسحرًا، وأن من الشعر لحكمة، فإن الله جل وعلا جعل قيمة كل أمريء ما يحس ويقول، وشرف بأن تأخذ الإفهام منها على قدر القرائح والعقول، ولم يكن من أعنتها ما هو عن مجال رجالها قاصر، وحباها في كل عصر بأكرم ولي وأعز ناصر، ولم يقصر الفضل على من تقدم، وأبان لنا مطارح القصور بمن جعل جنته (هل غادر الشعراء من متردم)، وأجرى الحقيقة على لسان القائل:
فلو كان يفنى الشعر أفنته ما قرت ... حياضك منه في العصور الواهب
ولكنه صوب العقول إذا انجلت ... سحائب منه أعقبت بسحائب
وهدى إلى تبيين العلة، من قال في ذلك فشفى الغلة:
وعنى الناس بإمتداح القديم ... وبذم الحديث غير الذميم
ليس لأنهم حسدوا الحي ... فرقوا على العظام الرميم
وله در القائل: أن المتقدمين بنوا فأرتقوا، وأن المتأخرين زينوا ونمقوا، ورأيت في رسالة وأن لكل زمان، ما يليق به من البيان، وفي أخرى الناس بأزمانهم أشبه منهم بآبائهم،، ولم تزل البلاغة في كل عصر بالمشارق والمغارب، تطلع ما يزين سماءها من شمس وبدر وكواكب، والمصنف من أطال عنان الإختبار، دون إقتصار، ولم يخص بالفضيلة عصرًا من الأعصار، ولا مصرًا من الأمصار، وإني لما تغلغلت في الرحلة ما بين مشرق ومغرب، وملأت سمعي من كل معجب بنفسه ومعجب، ولقيت من الخائضين في النظم وانثر، ما أشار إليه القائل بقوله الذي هو على الغرض أدل النسيم على الزهر:
ألناس كالأرض ومنهاهم ... من خشن فيها ومن لين
مر وتشكي الرجل منه الأذى ... وأثمد يجعل في الأعين
قمت محتسبًا للبلاغتين، وتبيين طبق الصناعتين، فأشتغلت بالكتاب الموسوم بجمع المرقصات والمطربات، وما يعنون به عن سائر الطبقات، وهو محتو على ما يتضمنه من الغرض المذكور كتاب المشرق، في حلى أهل المشرق، وكتاب المغرب، في حلى أهل المغرب، ولما شاع ذكر إشتغالي بالجامع المذكور تطلعت إليه، همم أحالت أمانيها في الغرض من هذا الشأن عليه، وتكرر الطلب والسؤال، قبل أن ينتهي إلى غاية الكمال، فجعلت هذا الكتاب كالمقدمة بين يديه، وصنفته ليكون كالمدخل إليه " وسميته المرقصات والمطربات "، وضمنته من النثر زهرات، مقتطفة بسهل حفظها، ومن النظم بدائع أبيات، لا يشق على القلب والطرف ذكرها ولحظها، مما يحاكى شعشعة الشمس على صفحات الأنهار، ورقرقة الظل في لحظات الأزهار، ليرف على مائيته ريحان القلوب، ويعطيه السمع لحظ المحب إلى المحبوب.
من كل معنى ولفظ ... كخمرة في زجاجة
يسري النسيم إليه ... يبغي لديه علاجه
ولم أتجاوز في النظم ألف بيت، مما لا تحدي عليه بلو ولا ليت، " ورتبته " على الأعصار ترتيب الفرائد في العقود، ومزجت المرقصات والمطربات فيه مزج الجمرة بالبياض في الخدود، وفصلت ما بين فضلاء الشرق وفضلاء الغرب، كما فصل بين الجمعين حكم الطعن والضرب، ولم أتعرض للكلام على التنقيص والترجيح، ولا تصرفت في طريقتي التقبيح والتلميح، بل بقليل النثر فصلًا بعد فصل، وبالألف من النظم بيتًا إثر بيت، مجردًا جميع ذلك لتسهيل الحفظ بالله الإستعانة، ومن نضله نسأل الإبانة، " الطبقات التي بني الجامع المذكور على الكلام فيها خمس ": المرقص، والمطرب والمقبول، والمسموع، والمتروك.
1 / 1
المرقص ما كان مخترعًا أو مولدًا يكاد يلحق بطبقة الإختراع، لما يوجد فيه من السير الذي يمكن أزمة القلوب من يديه، ويلقى منها محبة عليه وذلك راجع إلى الذوق والحس مغن بالإشارة، عن العبارة، كقول إمريء القيس في القدماء:
سموت إليها بعد ما نام أهلها ... سمو حباب الماء حالًا على حال
وكقول وضاح اليمن:
قالت لقد أعييتنا حجة ... فأت إذا ما هجع السامر
وأسقط علينا كسقوط الندى ... ليلة لا ناه ولا آمر
وكقول إبن حمديس الصقلي في المتأخرين:
من قبل أن ترشف شمس الضحى ... ريق الغوادي من ثغور الأقاح
وقول أبي جعفر بن طلحة زير إبن هود سلطان الإندلس وكاتبه:
والشمس لا تشرب خمر الندى ... في الروض إلا بكؤس الشقيق
والمطرب: ما نقص فيه الغوص من درجة الإختراع إلا أن فيه مسحة من الإبتداع كقول زهير في المتقدمين:
تراه إذا ما جئته متهللًا ... كأنك نعطيه الذي أنت سائله
وقول حبيب في المتأخرين:
ولو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجياد بها فليتق الله سائله
والمقبول: ما كان عليه طلاوة مما لا يكون فيه غرض على تشبيه وتمثيل وما أشبه ذلك كقول طرفة في المتقدمين:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
وقول إبن شرف في المتأخرين: لا تسأل الناس والأيام عن خبري هما يبثانك الأخبار تطفيلا والمسموع: ما عليه أكثر الشعراء مما به القافية والوزن دون أن يمجه الطبع ويستشقله السمع كقول أمريء القيس:
وقوفًا بها صحبي على مطيهم ... يقولون لا تهلك أسى وتجمل
وقول إبن المعتز:
سقى الجزيرة ذات الظل والشجر ... ودير عبدون هطال من المطر
والمتروك: ما كن كلا على السمع والطبع كقول المتنبي:
قلقلت بالهم قلقل الحشا ... قلاقل عيس كلهن قلاقل
والمقتصر على إيراده في هذا العنوان من الطبقات المذكورة ما كان من طبقتي المرقص والمطرب " وكلاهما دائر على غوص الفكرة، وإثارة المعاني، وإلى ذلك أشار والدي بقول:
إذا أنت لم تشعر بمعنى نثيره ... فقل أنا وزان وما أنا شاعر
وقد يلي من طبقتي المسموع والمقبول، ما يكون توطئة للمرقص والمطرب، فأجعله من جملة العدد ما يتعلق به، ومعظم الإعتماد في هذا الكتاب على النظم لكونه أعق في الأفكار، وأرجو في الأقطار، وهو معين على نفسه، في تذكاره ودرسه، ولم نخل بإهمال النثر بالكلية، بل أوردنا منه ما يكون كالعلم في الحلة الموشية، والنثر في كلامهم يطلق على ما هو مقيد بالسجع، وما هو غير مقيد وجميع نثر القدماء داخل في طبقة المقبول وما تحتها، وفي الجامع المتقدم الذكر ترتيب ذلك على ألإعصار، مستوفي منه ما يختار، إستيفاء مختار الأشعار، ولا نورد هنا إلا ما كان مقيدًا بالسجع المسهل للفظ مما هو داخل في طبقتي المرقص والمطرب، جبًا على ما إعتمدنا عليه في النظم، " عبد الحميد بن يحيى ": أمام بلغاء الكتاب، والقدرة في ضرب المثل، ومما يليق أن يثبت من نثره في هذا كتاب قوله من رسالة تب بها عن آخر خلفاء بني أمية وهو مروان الجعدي لفرق العرب حين فاض العجم من خراسان بشعار السواد قائمين بالدولة العباسية: فلا تمكنوا ناصية الدولة العربية، من يد الفئة العجيبة، وأثبتوا ريثما تتجلى هذه الغمرة، ونصحو من هذه السكرة، فسينضب السيل، وتمحى آية الليل، والله مع الصابرين، والعقبة للمتقين.
" إبراهيم بن العباس الصولي ": هو إمام كتاب الدولة العباسية في ذلك العصر، وقد حكى صاحب كتاب زهر الآداب، أنه ورد كتاب من بعض الكتاب إلى إبراهيم بن العباس، يمدح رجل ويذم آخر، فوقع: إذا كان للحسن من الجزاء ما يقنعه، وللمسيء من النكال ما يقمعه، بذل المحسن ما يجب عليه رغبة، وإنقاذ المسيء لما يكفله رهبة، فوثب الناس يقبلون يده.
" عبد الله بن المعتز ": كان ينحو في نثره من التشبيهات والتخييلات، وسائر ما يلوح عليه، غوص فكرة، منحى طريقة في النظام، فصدر عنه ما يليق بهذا الكتاب مثل قوله:
1 / 2
الأرض عروس مختالة في حلل الأزهار، متوجه بأكاليل الأشجار، موشحة بمناطق الأنهار، والجو خاطب لها، وقد جعل يشير بمخصرة البرق، ويتكلم بلسان الرعد، وينثر من القطر أبدع نثار.
" أبو الفضل بن العميد ": إمام الكتاب في المائة الرابعة، وقال صاحب اليتيمة: أجمع أهل البصرة في الترسل على أن رسالته التي كتبها إلى بلكا عند إستصعابه عن ركن الدولة غرة كلامه، وواسطة عقده منها قوله: كأبي وأنا مترجح حرمة، وتمت بسالف خدمة، أيسرهما يوجب رعاية، ويقتضي محافظة وعناية، ثم تشفعهما بحديث غلو وخيانة، وتتبعهما بأنف خلاف معصية، وأدنى ذلك يحيط أعمالك، ويمحق كل ما يرعى لك، لا جرم إني وقفت ين ميل إليك وميل عنك، أقدم رجلًا لصدمك وأؤخر أخرى عن قصدك وابسط يدًا لإصطلامك وأجتاحك، وأثني ثانية نحو إستبقائك وإستصلاحك، والوقف عن إمتثال بعض الأمور فيك ضنًا بالنعمة عندك، ومنافسة في الصنيعة لديك، وتأملًا لفيئتك وأنصرافك، ورجاء لمراجعتك وأنعطافك، فقد يعزب العقل، ثم يؤب ويغرب اللب، ثم يثوب ويذهب العزم، ثم يعود ويفسد الحزم، ثم يصلح ويضاع الرأي، ثم يستدرك ويسكر المرء ثم يصحو، ويكدر الماء ثم يصفو، فكل ضيقة فإلى رخاء، وكل غمرة فإلى إنجلاء، وكما أنك أتيت من أساءتك ما لم تحتسبه أو لياؤك، فلا بدع أن تأتي من حسناتك ما لا يرتقبه أعداؤك، وكما إستمرت بك الغفلة حتى ركبت ما ركبت وأجترمت، ما إجترمت، فلا عجب أن تنتبه إنتباهة تبصر فيها قبح ما صنعت، وسوء ما دبرت وأبرمت، وسأجري على رسمي في الإبقاء والمماطلة ما صلح، وعلى الإستياء والمطاولة ما أمكن، طمعًا في إنابتك، وتحكيمًا لحسن الظن بك، فلست أعدم فيما أظاهره من أعذار، وأرادفه من إنذار، إحتجاجًا عليك، وأستدراجًا لك، وأن يشا الله يرشدك، ويأخذ بيدك إلى إصلاحك ويسددك، أنه على كل شيء قدير.
ومنها: وقد هدده وعدد عليه بين نعمة ونقمة، تأمل حالك وقد بلغت هذا الفصل من كتابي والمس جسدك وأنظر هل يحس؟ وجس عرقك وأنظر هل ينبض؟ وفتش ما إنحنت عليه إضلاعك هل تجد فيه قلبك؟ ثم قس غائب أمرك يشاهده وآخر شأنك بأوله.
قال الثعالبي: لغني عن بكار وكان من آرب أمثاله أنه كان يقول: والله ما كان لي عند قراءة هذا الفصل إلا كما أشار إليه الأستاذ العميد، ولقد كفى كتابه عن الكتائب في عرك أديمي واستصلاحي، وردّي إلى طاعة صاحبي.
قال إبن سعيد: هذه الرسالة وأن أطنبوا فيها وجعلها الثعالبي واسطة عقد ترسل إبن العميد، فإنها من طبقة المقبول، ولكن قد خامرها من تغلغل الفكر في ترصيفها، وأثارت ما إنطوت عليه من المقاصد الماثلة بالإسماع ما بالإسماع ما يعلقها بأهداب المطر على الإصطلاح المقرر في هذا الكتاب، وفيها أيضًا من إهمال التقيد بالسجع ما هو خارج عن شرط هذا الكتاب، وليس فيه ما يجري مجراها سواها، والغرض في إيرادها أن يكون عنوانًا عن نمطها، فهي من أرفع طبقاتها، وصاحبها جليل القدر، عظيم الذكر، لا يليق أن يهمل إسمه، ولا يغفل ما يلوح عليه فهمه.
" أبو الفتح بن أبي الفضل بن العميد ": ذكر الثعالبي أن أباه كان قد بالغ في تأديبه وتهذيبه، وجعل عليه عيونًا بالنظر لما يصدر عنه، فاعلم أنه إستدعى من صديق شرابًا ليلة أنس؛ فوجه لذلك الشخص، وأستدعى منه الرقعة التي كتب بها فوجد فيها: قد إغتنمت الليلة أطال الله بقاءك سيدي ومولاي رفدة من عين الدهر، وإنتهزت فرصة من فرص العمر، وأنتظمت مع أصحابي في سلك الثريا، فن لم نحفظ علينا هذا النظام، بإهداء المدام، عدنا كبنات نعش والسلام. فأستطير أبوه فرحًا وإعجابًا بهذه الرقعة، وقال: لآن ظهر أثر براعته، ووثقت بجريه في طريقي، ووقع له بألفي دينار.
" أبو إسحاق الصابي ": مكانته في أئمة الكتاب مشهورة ومعظم ترسله من طبقة المقبول، وكثيرًا ما يمل تقييد السجع، ومما يدخل من ترسله في طبقة المطرب، قوله: هو أخفض قدرًا ومكانة، وأظهر عجزًا ومهانة، من أن تستقبل به قدم في مطاولتنا، أو تطمئن له ضلوع على منابذتنا، وهو في نشوزه عنا وطلبنا إياه كالضالة المنشودة وفي ما نرجوه من الظفر به كالظلامة المردودة. " ومن أخرى ": وقد نزع به شيطانه، وأمتدت في الغي أشطانه.
1 / 3
" الصاحب بن عباد ":هو تلميذ إبن العميد، ولكنه فوقه بالصعود في طبقتي المرقصات والمطربات، كقوله: نحن سيدي بمجلس غني إلا عنك، شاكر إلا منك، قد تفتحت فيه عيون النرجس، وتوردت خدود البنفسج، وفاحت مجامر الأترج، وفتقت فارات النارنج، وأنطلقت السن العيدان، وقام خطباء الأوتار: هبت رياح الأقداح، ونفقت سوق الأنس، وقام منادي الطرب، وطلعت كواكب الندمان، وأمتد سماء الند، فبحياتي، إلا ما حضرت لنحصل بك في جنة الخلد، وتتصل الواسطة بالعقد. " وقوله في أخرى ": مجلسنا يا سيدي مفتقر إليك، معول في شرفه عليك، فقد أبت راحته أن تصفو إلا أن تتناولها يمناك، وأقسم غناؤه أن لا يطيب حتى تعيه أذناك، فأما خدود نارجه فقد إحمرت خجلًا لإبطائك، وأما عيون نرجسه فقد حدّقت تأهيلًا للقائك، فبحياتي عليك، إلا ما تعجلت عليك، إلا ما تعجلت لهذه الأوطار، لئلا يخبت من يومي ما طاب، ويعود من همي ما طار، وكقوله: لا إعتراض بين الشمس والقمر، والروض والمطر. " وقوله ": الفاظ كما تورق الأشجار، ومعان كما تضحك الأزهار، من غرته تغور السلامة، حدثته السن الندامة، وكقوله: إثنى عليه ثناء العطشان الوارد، على الماء البارد.
" أبو النصر العتبي ": كاتب السلطان محمود هو عندي أرفع الجميع طبقة يما يليق بهذا الكتاب، فإنه فيه أطال وأطاب، وأخذ بالآزرة لا بالأهداب، وأما أقسم على ذلك بأجل ما يقسم به وبراءتي عن يميني، وقوف المطالب بالتحقيق على كابه الموسوم باليميني، فقد صمنه من ذلك العجائب، حط بمراقية مراتب كوكب، وعنوان محاسنه في هذا الباب قوله: يوم رقت غلائل صحوه، وغنجت شمائل جوه، وضحكت ثغور رياضه، وأطرد زرد النسيم فوق حياضه، وفاحت مجامر الأزهار، وأنتشرت قلائد الأغصان عن فرائد النوار، وقسام خطباء الأطيار، على منابر الأشجار، ودارت أفلاك الأيدي بشموس الراح، في بروج الأقداح، وقد سيبنا العقل في مروج الجنون، وجعلنا العذارى بأيدي المجون، فبحق الفتوة التي زان الله بها طبعك، والمروءة التي قصر الله عليها أصلك وفرعك، ألا تفضلت بالحضور، ونظمت لنا بك عقد السرور، وقوله: خيفة سألت في أودية الظنون، وبسطت إليه أجنحة المنون، ونفرته عن ضم القوادم للسكون. وقوله: ولما تسامع القوم بإقباله دب الفشل في تضاعيف أحشائهم، وسرى الوهل في تفاريق أعضائهم، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فجيوب الأقطار عنهم مزورورة، وذيول الخذلان عليهم مجرورة. وكقوله: لئن حرمت برك والدار دانية، ثم رزقته والمسافة نائية، فقد يضن الحبيب قريبًا بوصاله، ثم يسمح بعيدًا بطيف خياله، والله يطلع علينا سوالف، تلك الأيام، السوالف، مغلقة الأصداغ بأعتاب الزمان، معجمة الأطراف بخيلان الحسن والأخلاق.
" بديع الزمان الهمذاني ": من سابقي هذه الحلبة، وممن جاز في مراتبهم أعلى رتبة، وشاهدي على ذلك قوه لمن قدم إليه كتابه قبل الوفود إليه، كتابي والبحر وإن لم أره، فقد سمعت خبره، والليث وإن لم ألقه، فقد تصورت خلقه، والملك العادل وإن لم أكن لقيته، فقد بلغني هيبته وصيته، ومن رأى من السيف أثره، فقد رأى أكثره، وهذه الحضرة وإن إحتاج إليها المأمون، ولم يستغن عنها قارون، فإن الأحب إليّ أن أقصدها قصد موال، والرجوع عنها بجمال أحب إلي من الرجوع بمال، قدمت لتعريف، وأنا أنتظر الجواب الشريف، فإن نشط الأمير لضيف ظله خفيف، وضالته رغيف، فليزجر له بالإستقبال، طائر الإقبال. " ومن محاسن تركيبه " التي إحتذى البلغاء فيها حبذوه قوله: أنا لقرب مولاي " كما طرب النشوان مالت به الخمر "، ومن الإرتياح إلى لقائه، " كما أنتفض العصفور بلله القطر "، ومن الإمتزاج بولائه، " إلتقت الصهباء والبارد العذب، ومن الإبتهاج بمزاره، " كما إهتزت تحت البارح الغصن الرطب ".
" الأمير أبو الفضل الميكاي ": له في طبقات هذا الكتاب محاسن عنوانها مثل قوله: لو إستطعت لطرت بأجنحة السحائب، وخطبت بالشكر على متون الكواكب، وقوله: كلام سلب الماء رقته، والنحل ريقته، وقوله: أيام ظل العيش رطب، وكنف الهوى رحب، وشرب الصهباء عذب.
1 / 4
" أبو محمد القاسم بن علي الحريري ": إمام في عصره ومقاماته، قد شرقت وغربت حتى صار إبتذالها عيبها وعنوان ما يليق بهذا الكتاب من نثره قوله: وقد أحاطت به أخلاط الزمر، إحاطة الهالة بالقمر. وقوله: وصل الكتاب الفلاني دام ممليه، متلألئة حالية معالية، فتلقيته كما يتلقى الإنسان، صحف الإحسان، لا بل تتلقى أنامل الراح، كؤس الراح، من أيدي الصباح، في نسمات الصباح.
" القاضي الفاضل البيساني ": آخر تقدم يفضله الأوائل، وغير في وجه قس أياد وسحبن وائل، لا أعلم بالمشرق والمغرب مثله، وعنوان عجائبه قوله: ووافينا قلعة نجم وهي نجم في سحاب، وعقاب في عقاب، وهامة لها الغمامة مامة، وأنملة إذا خضبها الأصيل كان الهلال لها قلامة. وقوله: وافى الإسطول اميمون في خمسين غرابًا طائرًا من القلوع بأجنحته، كاسر المخالب أسلحته، فما وافى شملًا إلا دعاه إلى الحين، وحقق ما يعزى إلى الغراب من البين، وقوله: ولقد لبد الماء في الليابيد فثقل وزنها، وأنعكس فيها بالتشبيه فصار كالجبال عنها.
" ضياء الدين أبو الفتح بن الأثير الجزري ": هو إمام كتاب المائة السابعة في فن هذا الكتاب، وله في ذلك رسائل مشهورة وعنوان بدائعه قوله: الخادم يشكر إحسان مولانا الذي ظل عنده مقيمًا، وأصبح بتواليه مغرمًا كما أصبح له غريمًا، وله في صفة صيد ظبي، فلما أحس بنا طار خيفة حتفه، وكاد أن يخلف ظله من خلقه. وله في الفهد: يبلغ المدى الأقصى في أدنى وثباته، ويسبق الفريسة فلا يمسكها إلا عند إلتفاته، وقوله. وجه يرتوي من مائه الظمآن، مطر زبورد ونرجس وإقحوان، وإذا تأملته بين صدغيه علمت حينئذ أن الشمس تطلع بين قرني الشيطان. وقوله: وجاء النيل يحكي رضا به جني النحل، وأحمرت صفحته فتيقنت أنه قد قتل المحل.
إبن خيران المصري: هو إمام كتاب الديار المصرية في المائة الرابعة، وعنوان طبقته قوله حين أمر خليفة مصر الحاكم بهدم كنيسة قيامة بيت المقدس: وقد خرج أمر الإمامة في هدم كنيسة القيامة على أن يصير سقفها أرضًا وطولها عرضًا.
إبن الصيرفي المصري: هو إمام كتاب المسافة خامسة بالديار المصرية، كتب بها عن الخليفة الآمر ووقفت على ترسله في نحو عشرين مجلدًا ومنه إستمد القاضي الفاضل ومن أمعن النظر في ترسل إبن الصيرفي علم ذلك، ومن ملح ترمله قوله: وجاءت غربان الماء، تحكي قطع السحائب في أديم السماء، يحسب الناظر أنها ركاب، قد طفت في بحر السحاب، أو جفون محدقة والمجاذيف أهداب.
ذو الوزارتين أو عبد الله بن أبي الخصال: إمام كتاب الأندلس في طرفي المائة الخامسة والسادسة، وواسطة دره، قوله: أعزك الله فإني حططت والنوم مغازل، والقر منازل، والريح تلعب بالسراج، تصول عليه صولة الحجاج، تارة تسدده سنانًا، وطورًا تحركه لسانًا، وآونة تطويه حبابة، وأخرى تنشره ذؤاية، وتقيمه إبرة لهب، وتعطفه بزة ذهب، أو حمة عقرب، وتقوسه حاجب فتاة، ذات غمزات، وتتسلط على سليطه، وتزيله عن خليطه، وتخلفه تجمًا، وتمده رجمًا، وتسل روحه من ذبالة، وتعيده إلى حاله، وربما نصبته أذن جواد، ومسخته حدق جراد، ومشعته خاطف برق يكف بودق، ولثمت بسناه قنديله، ولفت على أعطافه منديله، فلا لحظ منه للعين، ولا حظ للناظر في اليدين، والليل زنجي الأديم تبري النجوم، قد حللنا سياجه، وأغترقنا أمواجه، فلا مجال للحظه، ولا تعارف إلا بلفظه لو نظرت فيه الزرقاء لأكتحلت، أو خضبت به الشيبة ما نصلت، والكلب قد صافح خيشومه ذنبه، وأنكر البيت وطنيه، وألتوى إلتواء الحباب وجلده الجليد، وضربه الضريب وصعد إنفاسه الصعيد، فحماه مباح، ولا هدير له ولا نباح، والنار كالصديق، أو كالرحيق، وكلاهما عنقاء مغرب، أو نجم مغرب.
عيسى بن خير العكيلي: وجدت في ترسله وهو من فضلاء المائة السادسة قوله اللائق هذا الكتاب: أنا أطال الله بقاء الكاتب الفاضل سراج العلم، وشهاب الفهم، في مجلس قد خجلت خدود تفاحه، وضحكت ثغور أقاحة، وخفقت فرقنا للطرب ألوية، وسالت بنا للهو أودية، وحضرتنا مقلة فصر إنسانها، وصحيفة فكن عنوانها، فإن رأيت أن تصل إلينا القصد، لنحصل بك في جنة الخلد، صقلت نفوسًا أصدأها بعدك، وأثرت سرجًا أدجاهًا فقدك.
1 / 5
" الفتح بن عبد الله ": صاحب القلائد من أئمة كتاب الأندلس في المائة السادسة، ونثره في كتاب القلائد قد إشتهر عند العام والخاص إبداعه فيه، ومن عنوان طبقت قوله: يوم قد نشر من غيمه رداء ند، وسكب من قطره ماء ورد، وأبدى من برقه لسان نار، وأظهر من قوس قزحه حنايا أنس قد حفت بشقيق وجلنار، والروض قد بعث رياء، وبث الشكر لسقياء؛ وقوله: ليلة قد ثنى السرور منامها، وأمتطى الحبور غاربها وسنامها، وراع الأنس فؤادها، وستر بياض الأماني سوادها، وغازل نسيم الروض زوّارها وعوادها؛ وقوله في شخص يذمه: رمد جفن الدين، وكمد نفوس المهتدين، أشهر سخفًا وجنونًا، وهجر مفروضًا ومسنونًا، ناهيك من رجل ما تطهر من جنابة، ولا أظهر نخيله أنابة ولا أقر بياريه ومصوره، ولا قر عن تباريه في ميدان تهوره.
" أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الحجازي ": من أئمة بلاغة النثر في العصر المذكور، وله في كتاب المسهب بلاغة لاحقة بالطبقة العالية، ومن عنوان ذلك قوله. ملك قمري الوجه، سحابي اليد، روضي الجناب، لو برز للبحر تطأطأت أمواجه، ولو بدا للشمس توارت بالحجاب.
" أبو جعفر بن عطية الطرطوشي ": إمام الكتاب في صدر دولة عبد المؤمن وعنوان طبقته قوله: وقد حكت الدماء على صفحة الماء، حمرة البرق في زرقة السماء، وقوله وقد هزم بد المؤمن رياحًا وهم من بني هلال بن عامر. وحل الويل بهلال إبن عامر، فأفل الهلال وخرب العامر.
" أبو عبد الله بن عياش ": كاتب الناصر وغيره من بني عبد المؤمن، وواسطة عقد ترسله قوله في رسالة كبها عند نزول الناصر على المهدية برًا وبحرًا وإسترجاعها من أيدي الملثمين: ولما حللنا عرى السفر بأن حللنا حمى المهدية، تفاءلنا بأن يكون لمن ألم بساحتها هدية، فأحدقنا بها إحداق الهداب بالعين، وأطرنا لمختلس وصالها غربان البين، فبات بليلة نابغية، وصافح يومًا صافحته فيه يد البلية، ولما إجتلينا منها عروسًا قد مد بين يديها بساط من الماء، وتوجت بالهلال، وفرطت بالثريا ووشحت بغيوم السماء، والسحب نسجت عليها أردانًا تبديها تارة متلثمة وطورًا سافرة، وكأنما شرفتها المشرفة أنامل مخضبة بالدياجي مختمة بالكواكب الزاهرة، تضحى ضاحكة عن شنب لا تزال تقبله أفواه المجانيق، وتمسي باسمة عن لعس لا تبرح ترشفه سهام الحريق، خطبناها فأرادت التنبيه على قدرها، والتوفير في أغلاء مهرها، " ومن خطب الحسناء لم يغله المهر "، فتمنعت تمنع المقصورات في الخيام، وأطالت أعمال العامل في خدمتها وتجريد الحسام، إلى تحققت عظم موقعها في النفوس، ورأت كثرة ما ألقى إليها من نثار الرؤوس، فجنحت إلى الإحصان بعد النشوز، ورأت اللجام في الإمتناع من قبول الإحسان لا يجوز، فأمكنت زمامها من يد خاطبها بعد طوة خطبها وخطابها، وأمتعته على رغم رقيبها بعناقها ورشف رضابها، فبات بها معرسًا حيث لا حجال إلا من البنود، ولا خلوق إلا من دماء إبطال الجنود، فأصبح وقد تلألأت بهذه البشائر وجوه الأقطار، وطارت بمسارها سوانح البراري وسوائح البحار، فالحمد لله الذي أقر الحق في نصابه، واسترجعه من أيدي غصابه، حمدًا يجمعهما بشمل النعم، ويلقحها كما تلقح البحار الديم، فشنفوا الأسماع بهذه البشائر، وأملؤا الصدور بما يرويه لكم من أحاديثها كل ورد وصادر، فهو الفتح الذي تفتحت له أبواب السماء، وعم الأمن والخير به بسيطي الأرض والماء، فشكر الله عليه فرض، في كل قطر من أقطار الأرض.
" النجم القوصي وزير صاحب حماه ": من بلغاء أهل مصر في المائة السابعة ومن وعنوان طبقته قوله: ولما ساحة الرياض نثرت علينا أغصانها درر الأزاهر عن قرى، ومدت لنا مقطعاتها سبائك فضة تثير كف النسيم فيها جوهرًا، والأطيار تتخاصم في أكرامنا بكل فنن، وتهز سيفًا من كل قد نتذكر به سيف إن ذي يزن، والراح في الأكوس تدور، كأنها شموس في بدور، والخدود على غررها شاهدة، وأن أمست الألسن لها جاحدة.
1 / 6
" إبن أبي منصور الدمياطي ": وزير الملك الأشرف من بلغاء المائة السابعة بالديار المصرية، ومما يشفع في ذكره في هذا الكتاب قوله: صدرنا في بعض العشايا على بعض البساتين المجاورة لبحر النيل فرأينا فيه بئرًا عليه دولابان متحاذيان قد دارت أفلاكهما بنجوم القواديس، ولعبت بقلوب ناظريها لعب الأماني بالمفاليس، وهما يئنان أنين أهل الأشواق، ويفيضان دمعًا أغزر من دموع العشاق، والروض قد جلا للاعين زبرجده، والأصيل قد راقه حسنه منثر عليه سجده، والزهر قد نظم جواهره في أجساد الغصون، والسلاسل قد أزالت من سلاسل فضتها كل مصون، والنبت قد إخضر شاؤبه وعارضه، وطرف النسيم قد ركض في ميادين الزهر راكضه، ورضاب الماء قد علاه من الطل لمى، وحيات المجاري جارية تخاف من زمرد النبات أن يدركها العمى، والبحر قد صقل صقيل النسيم درعه، وزعفران العشي قد ألقى في ذيل الجوّ ردعه، فاستحوذ علينا الموضع إستحواذًا، وملأ أبصارنا حسنًا وقلوبنا إلتذاذًا، وملنا إلى الولاين شاكين أزمرًا حين شجت قيان الطير بألحانها، وشدت على عيدانها، أم ذكر أيام النعيم وطابا، وكانا أغصانًا رطابًا، فنفيا عنهما لذيد الهجوع، ورجعا للنزوع، وأضافا الدموع، طلبًا للرجوع.
" أبو العباس الغثاني ": كاتب صاحب أفريقية علم في الكتاب تعجز بلاغته ومن فصول نثره قوله: سر إلى جلس يكاد يسير شوقًا إليك، ويطير بأجنحة جواه حتى يحل لديك، فلله كماله إن طلعت بدرًا بأعلاه، وجماله إن وضحت غرة بمحياه، فهو أفق قد حوى نجومًا تتشوف إلى طلوع بدرها لتقتبس منه، وقطر قد إشتمل على أنهار تتشوق إلى بحرها المستمد منه وتأخذ الزيادة عنه، فإن مننت بالحضور، وإلا فيا خيبة السرور.
" أبو الوليد بن الحنان ": هو ممن يلحق بهذه الطبقة من بلغاء عصرنا بل يتقدمهم بقوله نحن في روض جلس أغصانه الندماء، وغمامه الصهباء، فبالله عليك إلا ما كنت لروض مجلسنا نسيمًا، ولزهر حديثنا شميمًا، وللجسم روحًا، وللطيب ريحًا، وبيننا عذراء زجاجها خدرها، وحبابها غرها، بل شقيقه حوتها كمامة، أو شمس حجبتها غمامة، إذا طاف بها معصم الساقي فورده على غصنها، أو شربها مقهقهة فحمامة على فننها، طافت علينا طوفان القمر على المنازل إذ يجول، وأنت وحياتك أكيلنا وقد آن له بالأكاليل حلول.
" علي بن سعيد ": مصنف هذا الكتاب وقع له مما يدخل في هذه الطبقة قوله: السماء قد نشرت عرار الشمس، ونثرت بنفسج الغمام، وغرست سوسن القطر في صفحة كل نهرها الإنتظار بأنداء ورد المدام.
المرقصات والمطربات
من محاسن الجاهلية إمامهم وحامل لوائهم أمرؤ القيس، من مرقصاته قوله:
كأن قلوب الطير رطبًا ويابسًا ... لدى وكرها العناب والحشف البالي
وقوله:
كأن عيون الوحش خول خبائنا ... وأرجلنا الجذع الذي لم يثقب
وقوله:
سموت إليها بعدما نام أهلها ... سمو حباب الماء حالًا على حال
وقوله:
وقد أغتدي والطير في ركناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل
وهذه المعاني ولد منها شعراء المشرق والمغرب، وتطارحوا في الأخذ منها، " النابغة الذبياني ": له من المرقصات وله في النعمان بن المنذر:
وإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
ومن المرقص المطرب قوله في الفرج:
وإذ طعنت في مستهدف ... رابي المحبة بالعبير مقرمد
وإذا نزعت عن مستحصف ... نزع الحزّور بالرشاء المحصد
وإذا يعض تشده أنيابه ... عض الكبير من الرجال الأدرد
وقوله للنعمان:
لا تقذفني بركن لا كفاء له ... وأن تأثفك الأعداء بالرفد
هذا وحي بالأشارة إلى إغراء أعدائه وأجتماعهم عنده في مضرته. وقوله:
كان مجرّ الرامسات ذيولها ... عليه حصير نمقته الصوانع
وقد صار قوله إمامًا لكثير من الشعراء حذوا عليه، وأقتبسوا منه، ومنه قوله:
وأنت بيع ينعش الناس سيبه ... وسيف أعيرته المنية قاطع
مما وقع له في التمثيل من المرقصات قوله:
نبئت أن أبا قابوس أوعدني ... ولا قرار على زأر من الأسد
ومن التشبيهات العقم ندهم قوله في طيور الحرب:
1 / 7
تراهن خلف القوم خزرًا عيونها ... جلوس الشيوخ في ثياب المرائب
وهي ثياب فيها خطوط " عنترة "، أن كانوا قد جلوه في ترتيب الكتاب المصنف في أشعار الجاهلية آخرًا فأنه المتقدم بالنظر إلى معاني الغوص فمن يصدر عن فكرته مثل قوله:
جادت عليه كل عين ثرة ... فتركن كل حديقة كالدرهم
وخلا الذباب بها فليس ببارح ... غردًا كفعل الشارب المترنم
هزجًا يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم
ومن جملة هذه القصيدة:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل ... مني وبيض الهند تقطر من دمي
فودت تقبيل السيوف لأنها ... لمعت كبارق ثغرك المتبسم
ومن محسناته في التشبيه قوله:
يدعون عنتر والرماح كأنها ... أشطان بئر في لبان الأدهم
طرفة: ورد في شعره مرقص كدّره إستغلاق لغته وهو قوله:
يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المقابل باليد
وهذا عندهم من التشبيه العقيم يصف به السفينة في شقها البحر وإنقسام الموج عن حريتها والمقابل الملاعب بالتراب الذي يقسمه ليخفي في أحد أقسامه ما يستخرجه صاحبه. ومما يدخل في المطرب قوله:
فسقى ديارك غير مفسدها ... صوب الحياء وديمة تهمي
وقوله:
والستر دون الفاحشات وما ... يلقاك دون الخير من ستر
لو كنت من شيء سوى بشر ... كنت المنّور ليلة البدر
زهير: أكثر ما إشتهرت به الحكم والأمثال مما يدخل في طبقة المقبول، وأستحسنوا له في التشبيه قوله:
كان فتات العهن في كل منزل ... نزلن به حب الفنا لم يحطم
وحب الفنا هو عنب الثعلب، وهو إذا لم يحطم أحمر، وقوله:
بكرن بكور أو أستحزن بسحره ... فهي لوادي الرأس كاليد للفم
ويدخل له في المطرب قوله:
وأبيض فياض يداه غمامه ... على معتفيه ما ثغب فواضله
تراه إذا ما جئته متهللًا ... كأنك تعطيه الذي أنت سائل
وقوله:
وفيهم مقامات حسان وجوههم ... وأندية ينتابها القول والفعل
على مكثريهم رزق من يعتريهم ... وعند المقلين السماحة والبذل
وما يك من فعل أتوه فإنما ... بناه لهم آباء آبائهم قبل
وهل بنبت الخطى إلا وشيجة ... وتغرس إلا في منابتها النخل
وقوله:
ومن لم يصانع في أمور كثيرة ... يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
ومن يعص أطراف الزجاج فإنه ... يطيع العوالي ركبت كل لهذم
" علقمة ": قوله معاني الغوص في شعره معدومة، وأقرب ما وقع له:
أوردتها وصدور العيس مسنفة ... والصبح الكوكب الدري منحور
يشير إلى أن كوكب الصبح مثل سنان الحربة طعن به فسال منه دم الشفق، وإذا تبين هذا المعنى كان من المرقصات، وقد بينته في قولي:
كم زرته ورواق الليل منسدل ... مسهم راق إعجبًا بأنجمه
وأبت والصبح منحور بكوكبه ... وسائل الشفق المحمّر من دمه
وقوله:
يحملن أترجة نضخ العبير بها ... كأن تطيابها في الأنف مشموم
يشير إلى ما نال هذه المرأة من مضض السير، وأصفرار لونها كالأترجة، وأنها ما تحركت زيد طيبًا خلافًا للتحرك البشري، " ومنه " أخذ إبن الرومي وغيره تشبيه المرأة بالروضة لطيب غرها في السحر بخلاف أنفاس البشر.
" أعشى بكر ": أكثر ما وقفت عليه من أوصافه الخمرية التي إشتهر بها أعرابية جافية يخرجها جفاء نمطها عن المرقص وإن كانت حسنة التشبيه وأقرب ما له من ذلك قوله:
تريك القذى من دونها وهي دونه ... إذا ذاقها يتمطق
ومن مطرباته قوله:
وترى الزق لدينا مترعًا ... حبشيًا كب عمدًا فأنبطح
ومنها قوله:
والشعر يستنزل الكريم كما ... ينزل رعد السحابة السبلا
ومن مرقصات قوله:
غراء فرعاء مصقول عوارضها ... تمشي الهوينا كما يمشي الوجى الوحل
كأن مشيتها من بيت جارتها ... مشي السحابة لا ريث ولا عجل
وقوله:
1 / 8
الست منتهيًا عن تحت أثلثنا ... ولست ضائرها ما ألمت الأيل
كناطح صخرة يومًا ليوهيها ... لم يضرها وأوهى قرنه الوعل
ومن مطرباته قوله:
وأن عتاق الخيل سوف يزوركم ... ثناء على أعجازهن معلق
به تنقص الأحلاس في كل منزل ... وتعقد أطراف الرجال وتطلق
لعمري لقد لاحت عيون كثيرة ... إلى ضوء نار باليفاع تحرق
تشب لمقرورين يصطليانها ... وبات على النار الندى والمحلق
رضيعي لبان ثدي أم تقاسما ... بأسحم داج وض لا نتفرق
ترى الجود يجري ظاهرًا وق وجهه ... كما زان متن الهندواني روتق
وهذا البيت لاحق بالمرقصات وما جرى هذا المجرى، وهو واقع في شعر العرب فإنه مرقص " أعشى بأهله " له في المرقصات وله:
أن تقتلوه فقد أشجاكم زمنًا ... كذلك الرمح ذو النصلين ينكسر
لا يأمن القوم ممساه ومصبحه ... من كل أوب وإن لم يغز ينتظر
" قيس بن الحطيم ": يدخل في أصحاب ماني الغوص بقوله:
تبدت لنا كالشمس تحت غمامة ... بدا حاجب منها وضنت بحاجب
وقوله:
إني شربت وكنت غير شروب ... وتقّرب الأحلام غير قريب
ما تمنعي يقظي فقد نولته ... في النوم غير مصرد محسوب
كان المنى أن نلتقي فلقيتها ... فلهوت من لهو أمريء مكذوب
فرأيت مثل الشمس عند طلوعها ... في الحسن أو كدنوها لغروب
والمرأة الرقيقة اللون يكون بياضها بالغداة يضرب إلى الحمرة وبالعشي يضرب إلى الصفرة، ولذلك قال الأعشى:
بيضاء ضحوتها وصفراء العشية كالعراره
المخضرمون - " حسان بن ثابت ": شاعر رسول الله ﷺ المؤيد بروح القدس مما ألحقه معاني التخيل الغوص بطبقة المطرب قوله:
لله در عصابة نادمتهم يومًا بجلق في الزمان المقبل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول
أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر إبن مارية الكريم المفضل
الملحقين فقيرهم بغنيهم ... المشفقين على اليتيم الأرمل
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
وقوله:
أصون عرضي بمال لا أدنسه ... لا بارك الله بعد العرض في المال
أحتال للمال أن أودى فأكسبه ... ولست للعرض أن أودى بمحتال
وقوله لأبي سفيان بن الحرث في المجاوبة عن النبي ﷺ:
وأنت رنيم نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
" لبيد بن ربيعة ": هو معدود في شعراء النبي ﷺ وقع له في طبقة المرقص قوله:
وغداة ريح قد وزعت وقّرة ... إذا صبحت بيد الشمال زمامها
وفي طبقة المطرب قوله:
إن الرزية لا رزية مثلها ... فقدان كل أخ كمثل الكوكب
وقوله:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
وقوله:
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رمادًا بعد زهو ساطع
وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يومًا أن ترد الودائع
أليس ورائي إن تراخت منيتي ... لزوم العصا نحني عليها الأصابع
أخبر أخبار القرون التي مضت ... أدبّ كأني كلما قمت راكع
فأصبحت مثل السيف أخلق جفنه ... تقادم عهد القين والنصل قاطع
" النابغة الجعدي ": هو من شعراء النبي ﷺ، وأنشدوا له في التشبيهات العقم قوله:
كليب لعمري كان أعظم ناصرًا ... وأيسر جرمًا منك ضرّج بالدم
رمى ضرع ناب فأستقل بطعنه ... كحاشية البرد السيماني المسهم
ووقع في طبقة المرقصات قوله في صفة الفرس:
كانّ تماثيل أرساغه ... رقاب وعول على مشرب
وقوله في المطرب:
سألتني عن أناس هلكوا ... أكل الدهر عليهم وشرب
" الحطيئة ": إثبتوا له في التشبيهات العقم قوله في لغام الناقة:
1 / 9
ترى بين لحييها إذا ما تلغمت ... لغامًا كبيت العنكبوت المدد
ومن مرقصاته قوله:
كسوب ومتلاف متى ما سألته ... تهلل وأهتز إهتزاز المهند
ومن مطرباته قوله:
هم القوم الذين إذا ألمت ... من الأيام مظلمة أضاؤا
وقوله:
الحمد لله أني في جوار فتى ... حامي الحقيقة نفاع وضرار
لا يرفع الطرف إلا عند مكرمة ... من الحياء ولا يغضى على عار
" عمرو بن شاس ": له صحبة ووقع له في المطربات قوله:
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى للمطايا نور وجهك هاديًا
أليس يزيد العيس خفة أذرع ... وإن كن حسرى أن تكون أمانيا
" الشماخ ": له المطرب قوله:
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين
ومن التشبيهات العقم قوله في القوس:
إذا أنبض الرامون عنها ترنمت ... ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز
" عبيدة بن الطبيب ": له في المطرب قوله:
فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما
" متعمم بن نويرة ": له في المطرب قوله في رثاء أخيه مالك.
وقالوا أتبكي كل قبر رأيته ... لقبر ثوى بين اللوى والدكادك
فقلت لهم أن الأسى يبعث الأسى ... دعوني فهذا كله قبر مالك
" كعب بن زهير ": مما يلحق بطبقة المرقص قوله.
وما تمسك بالوعد الذي وعدت ... إلا كما يمسك لماء الغرابيل
" عمرو بن معدي كرب ": له في المطرب قوله:
فلو أن قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أجرت
" العباس بن مرداس ": له في المطرب قوله:
نعوض للسيوف إذا إلتقينا ... وجوهًا ما نعرض للطام
" أبو الطمحان القيني ": له في المطرب قوله:
وإني من القوم الذين هم هم ... إذا غاب منهم كوكب قام صاحبه
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه
" الخنساء ": لها في المرقص قولها:
وأن صخر التأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار
وقولها:
يذكرني طلوع الشمس صخرًا ... وأبكيه لكل غروب شمس
" جنوب بنت عمرو ذي الكلب ": لها في المرقص قولها:
تمشي النسور إليه وهي لاهية ... مشي العذاري عليهن الجلابيب
ولها في المطرب قولها:
وأقسم يا عمر ولو نبهاك ... إذا نبهًا منك داء عضالا
إذا نبها ليث عرّيسة ... مبيدًا مفيدًا نفوسًا ومالا
فكنت النهار به شمسه ... وكنت دجى الليل فيه الهلالا
" الزبرقان ": له في المطرب قوله:
أبلغ سراة بني عبس مغلغلة ... وفي العتاب حياة بين أقوام
تعدو الذئاب على من لا كلاب له ... وتتقي صولة المستأسد الحامي
" عمرو بن الأهتم ": له من المطرب قوله:
ذريني فإن البخل يا أم مالك ... لصالح أخلاق الرجال سروق
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ... ولكن أخلاق الرجال تضيق
" أوس بن معزى ": له من المطرب قوله:
لعمرك ما تبلى سرائر عامر ... من اللؤم أو تبلى عليها جلودها
" أبو ذؤيب الهذلي ": له من المطرب قوله:
تعلقه منها دلال ومقلة ... تظل لأرباب الشقاء تديرها
" الوليد بن عقبة ": له من المطرب قوله:
وأنك ولكتاب إلي علي ... كدابغه وقد حلم الأديم
شعراء الإسلام إلى إنقضاء الدولة الأموية
" تميم بن مقبل ": له في المرقص قوله:
يا هند أمسى سواد الرأس خالطه ... شيب القذال إختلاط الصفو الكدر
" النجاشي ": له من المطرب قوله:
قبيلته لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل
ولا يردون الماء إلا عشية ... إذا صدر الوارد عن كل منهل
" عبد الله بن الزبير الأسدي ": له في المطرب قوله:
رمى الحدثان نسوة آل حرب ... بمقدار سمدن له سمودا
فردّ شعورهن السود بيضا ... وردّ وجوههن البيض سودا
" حميد بن ثور الهلالي ": له من المرقص قوله في فرخ القطا:
1 / 10
كان على أشداقه نور حبوة ... إذا هو مد الجيد منه ليطعما
" ذو الرمة ": فارس أهل ذلك العصر في معاني الغوص لتولعه بالتشبيه والتمثيل وحسن التخيل وهو رئيس المشبهين الإسلاميين وحكى الحجازي في الحديقة أنه كان يقول: إذا قلت كان ولم أجد منها مخلصًا فقطع الله لساني. ومن عجائب تشبيهاته قوله:
كأن ألوف الطير في عرصاتها ... خراطيم أقلام خط وتعجم
وقوله:
كأنما عينها منها وقد ضمرت ... وضمها الليل في بعض الأضى ميم
وقوله:
قف العيس في إطلال مية وأسأل ... رسومًا كأخلاق الرداء المسلسل
أظن الذي يجدي عليك سؤالها ... دموعًا كتبديد الجمان المفصل
وقوله:
وما شنتا خرقاء واهية الكلى ... سقى بهما ساق ولما تبللا
بأضيع من عينيك للدمع كلما ... توهمت رسمًا أو تأملت منزلًا
وقوله في المطرب:
ولما تواقفنا جرت من عيوننا ... دموع كففنا غربها بالأصابع
ونلنا سقيطًا من حديث كأنه ... جنى النحل ممزوجًا بماء الوقائع
" أرطاة ب شهبة ": كان إبن الإعرابي يتعجب من قوله في إحالته على سن الهرم:
فقلت لها يا أم بيضاء أنه ... هريق شبابي وأستشن أديمي
وهذا من أرفع المرقصات طبقة: " مضرس بن ربعي ": من التشبيهات العقم ندهم قوله في نعامة:
صفراء عارية الأشاجع رأسها ... مثل المدق وانفها كالمبرد
" مطير بن الأشئم ": من التشبيهات العقم عندهم قوله:
تظل فيه بنات الماء طافية ... كأن أعينها أشباه خيلان
" جميل بن عبد الله بن معمر ": له في المرقص قوله:
يضم على الليل أطراف حبها ... كما ضم أطراف القميص البنائق
وفي المطرب قوله:
ذكرتك بالديرين يومًا فأشرفت ... بنات الهوى حتى بلغن التراقيا
ما زلت بي يا بثن حتى لو أنني ... من الوجد أستبكي الغمام بكاليا
وقوله:
إذا ما رأوني طالعًا من ثنية ... يقولون من هذا وقد عرفوني
" مرو بن أبي ربيعة ": إشتهر عند الناس بحلاوة المنزع في الغزل وهو إمام تلك الطريقة وأكثر شعره من طبقة المقبول ووقع له في المطرب قوله:
ولما توافقنا وسلمت أشرقت ... وجوه زاهاها الحسن أن تتقنعا
وقربن أسباب الهوى لمنيم ... يقيس ذراعًا كلما قسن أصبعا
وقوله في النحول:
قليل على ظهر المطية ظله ... سوى ما نفى عنه الرداء المحبر
وقوله:
وهي مكنونة حير منها ... في أديم الخدين ماء الشباب
" مجنون ليلى ": شعره كان في الغزل عاريًا من التشبيهات فإنه لم يخل في طريقه حسن الغوص والتخيل على ما يأخذ بجامع القلوب كقوله في المرقص:
متى يشفي منك الفؤاد المعذب ... وسهم المنايا من وصالك أقرب
بعاد وهجر وأشتياق ولوعة ... وأنت تدنيني ولا أنا أقرب
كعصفورة في كف طفل يضمها ... تذوق حياض الموت والطفل يلعب
فلا الطفل ذو عقل يرق لما بها ... ولا الطير ذو ريش يطير فيذهب
ولي ألف وجه قد عرفت مكانه ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب
وقوله:
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى ... فهيج أشجان الؤاد، وما يدري
دعا بإسم ليلى غيرها فكأنما ... أثار بليلى طائرًا كان في صدري
وقوله:
كأن القلب قيل يغدي ... بليلى عامرية أو يراح
قطاة غرها شرك فباتت ... تجاذبه وقد علق الجناح
فلا بالليل نالت ما تمنيت ... ولا بالصبح كان لها سراح
وله في طبقة المطرب قوله في معظم قصيدته المشهورة التي منها:
وقد خبروني أن تيماء منزل ... لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا
فهذي شهور الصيف عنا ستنقضي ... فما للنوى ترمي بليلى المراميا
أعد الليالي ليلة بعد ليلة ... وقد عشت دهرًا لا أعد اللياليا
وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس بالليل خاليًا
1 / 11
ألا أيها الركب اليماني عرجوا ... علينا د أمسى هوانا يمانيا
يمينًا إذا كانت يمينًا وإن تكن ... شمالًا ينازعني الهوى من شماليا
أصلي فما أدري إذا ما ذكرتها ... إثنتين صليت الضحى أم ثمانيا
وما بي إشراك ولكن حبها ... كعود الشجى أعيا الطبيب المداويا
خليي لا والله لا أملك الذي ... قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا
قضاها لغيري وابتلاني بحبها ... فهلا بشيء غير ليلى إبتلانيا
ولو أن واش باليمامة داره ... وداري بأعلى حضرموت أهتدى ليا
وماذا لهم لأحسن الله حالهم ... من الحظ في تفريق ليلى حباليا
على أنني راض بأن أحمل الهوى ... وأخلص منه لا علي ولا ليا
إذا ما شكوت الحب قالت كذبتني ... فما لي أرى منك لعظام كواسيا
فلا حب حتى يلصق الجلد بالحشى ... وتصمت حتى لا تجيب المناديا
وقوله:
لقد هتفت في جنح ليل حمامة ... على إلفها تبكي وإني لنائم
كذبت وبيت الله لو كنت عاشقًا ... لما سبقني بالبكاء الحمائم
وقوله:
مضى زمن والناس يستشفعون بي ... فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع
وقوله في المرقص:
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني بالليل والهم جامع
حبيبي على الدنيا إذا غبت وحشة ... فيا قمري قل لي متى أنت راجع
لقد ثبتت في القلب منك محبة ... كما نبتت في الراحتين الأصابع
وقوله مخاطبًا لبعلها:
عيشك هل ضممت إليك ليلى ... قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفت عليك فروع ليلى ... رفيف الإقحوانة في مداها
" عبد الله بن نمير الثقفي ": له في المرقص ويروي للمجنون:
ولم أر ليلى غير موقف ساعة ... ببطن مني ترمي جمار المحصب
ويبدي الحصى منها إذا قذفت به ... من البرد أطراف البنان المخضب
ألا إنما غادرت يا أم ما لك ... صدى أينما تذهب به الريح يذهب
وأصبحت من ليلى الغداة كناظر ... مع الصبح في أعقاب نجم مغرب
وفي المطرب قوله:
تضوع مسكًا بطن نعمان إن مشت ... به زينب في نسوة خفرات
يخبين أطراف البنان من التقى ... ويخرجن شطر الليل معتجرات
ولما رأت ركب النميري أعرضت ... وكن من أن يلقينه حذرات
" قيس بن الذريح ": له في المطرب قوله:
فإن تكن الدنيا بلبنى تقلبت ... فما زال للدنيا بطون وأظهر
لقد كان فيها للأمانة موضع ... وللقلب مرتاد وللحظ منظر
ومنها:
وللحائم الصديان ري بريقها ... وللمرح المختال طيب ومسكر
وقوله:
وأنك من لبنى العشية رائح ... مريض الذي تطوى عليه الجوانح
وقوله:
تكاد بلاد الله يا أم معمر ... إذا لم تكن فيها علي تضيق
أردّ سوام الطرف عنك وهل لها ... إلى أحد ألا إليك طريق
وحدثتني يا قلب أنك صابر ... على البين من لبنى فسوف تذوق
فمت كمدًا أو عش سقيمًا فإنما ... تكلفني ما لا أراك تطيق
" الأحوص ": له في المرقص قوله:
تمشي بشتمي في المجالس مالك ... يبث به كالكلب إذ ينبح النجما
وقوله:
إني إذا خفي الرجال وجدتني ... كالشمس لا تخفى بكل مكان
وفي المطرب قوله:
إذا أنت لن تعشق ولم تدر ما الهوى ... فكن حجرًا من يابس الصخر جامدا
وإني لأهواها وأهوى لقاءها ... كما يشتهي الظامي الشراب المبردا
علاقة حب لج في زمن الصبا ... فأبلى وما يزداد إلا تجردا
وقوله:
أدور ولولا أن أرى أم جعفر ... بأبياتكم ما درت حيث أدور
وما كنت زوّارًا ولكن ذا الهوى ... إذا لم يزر لا بد أن سيزور
وقوله:
1 / 12
كم من دنيء لها قد صرت أتبعه ... ولو صحا القلب عنها صار لي تبعا
لا أستطيع نزوعًا عن محبتها ... أو يصنع الشوق بي فوق الذي صنعا
أدعو إلى هجرها قلبي فيسعدني ... حتى إذا قلت هذا صادق نزعا
زاده رغبة في الحب أن منعت ... أشهى إلى المرء من دنياه ما منعا
وقوله:
وفي الجيرة الغادين من أهل وجرة ... غزال أحم لمقلتين ربيب
لا تحسبي أن الغريب الذي نأى ... ولكن من تأين عنه غريب
" كثير عزة ": له في المرقص قوله:
ولما قضينا من منى كل حاجة ... رمح بالأركان من هو ماسح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطي الأباطح
وقوله:
وإني وتهيامي عزة بعدما ... تخليت مما بيننا وتخلت
لكالمرتجى ظل الغمامة كلما ... تبوأ منها للمقبل إضمحلت
كأني وإياها سحابة ممحل ... رجاها فلما جاوزته إستهلت
كأني أنادي صخرة حين أعرضت ... من الصم لو تمشي بها العصم زلت
وقوله في المطرب:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تخيل لي ليلى بكل سبيل
وقوله: الله أعلم لو أردت زيارة في حب عزة ما وجدت مزيدا وقوله:
رهبان مدين والذين عهدتهم ... يبكون من حذر العذاب قعودا
لو يسمعون كما سمعت حديثها ... خروا أعزة ركعًا وسجودا
وقوله:
سيهلك في الدنيا شفيق عليكم ... إذا غاله من حادث الموت عائله
ويخفي لكم حبًا شديدًا ورهبة ... وللناس أشغال وحبك شاغله
كريم يمين السر حتى كأنه ... إذا إستخبروه عن حديثك جاهله
يودّ بأن يمسى سقيمًا لعله إذا سمعت عنه بشكوى تراسله
ويرتاح للمعروف في طلب العلى ... لتحمد يومًا عند ليلى شمائله
وقوله:
ألا إنما ليلى عصا خيزرانة ... إذا غمزوها بالأكف تلين
تمتع بها ما ساعفتك ولا يكن ... عليك شجى في الصدر حين تبين
وأن حفت لا ينقضي النأي عهدها ... فليس لمخضوب البنان يمين
وقوله:
وادنيتني حتى إذا ما ملكتني ... بقول يحل العصم سهل الأباطح
تجافيت عني حين لا لي حيلة ... وخلفت ما خلفت بين الجوانح
" أبو صخر الهذلي ": له في المراقص قوله:
وإني لتعروني لذكراك هزة ... كما إنتفض العصفور بلله القطر
تكاد يدي تندى إذا ما مستها ... وينبت في أعطافها الورق اخضر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما نفر
وقد كنت آتيها وفي النفس هجرها ... بتاتًا لأخرى الدهر ما طلع الفجر
فما هو إلا أن أراها فجاءة ... فأبهت لا عرف لديّ ولا نكر
وأنسى الذي د كنت فيه هجرتها ... كما قد تنسب لب شاربها الخمر
هجرتك حتى قيل لا يعرف الهوى ... وزرتك حتى قيل ليس له صبر
فيا حبها زدني جوى كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
" الصمة بن عبد الله ": له في المطرب قوله:
قفا ودعا نجدًا او من حل بالحمى ... وقل لنجد عدنا أن يودعا
ولما رأيت البشر أعرض دونا ... وجالت بنات الشوق يحنن نزعا
تلفت نحو الحي حتى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتًا وأخدعا
" إبن أبي فروة ": له في المطرب قوله:
ولما نزلنا منزلًا طله الندى ... أنيقًا وبستانًا من النور حاليا
أجدّ لنا طيب لمكان وحسنه ... مني فتمنينا فكنت الأمانيا
" مالك بن أسماء بن خارجة ": له المطرب قوله:
إن لي عند كل نفحة بستا ... ن من الورد أو من الياسمين
نظرًا وألتفاتة أترجى ... أن تكوني حلت فيما يليني
وقوله:
حبذا ليلتي بذات يرنا ... إذ نسقى شرابنا ونغنى
1 / 13
من كميت كأنها دم ظبي ... تدع الشيخ كالفتى مرجحنا
حيث ما دارت الزجاجة درنا ... يحسب الجاهلون إنا جننا
" نصيب ": له في المرقص قوله لسليمان بن عبد الملك:
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب
وفي المطرب قوله:
فكدت ولم أخلق من الطير إن بدا ... سنا بارق نحو الحجاز أطير
" الفرزدق ": له في المطرب قوله:
قوارض تأتيني فيحتقرونها ... وقد يملأ القطر الأناء فيفعم
وفي المرقص قوله:
ونحن إذ عدّت معدّ قديمها ... مكان النواصي من وجوه السوابق
وقوله:
والشيب ينهض في السواد كأنه ... ليل يصيح بجانبيه نهار
" جرير ": له في المطرب قوله:
إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله أركانا
وقوله:
متى كان الخيام بذى طلوح ... سقيت الغيث أيتها الخيام
وقوله:
وإبن اللبون إذا ما لزفى قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس
" الأخطل ": له في المرقص قوله:
قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم ... واستوثقوا برتاج الباب والدار
قوم إذا إستنبح الإضياف كلبهم ... قالوا لأمهم بولي على النار
قامت بأحمرها تندي مشافره ... كأنه رثة في كف جزار
" شهلة ": له في المطرب قوله:
وأن أمير المؤمنين وفعله ... لكالدهر لا عار بما فعل الدهر
" الراعي: " له في المرقص قوله في أسود:
وكأن فروة شعره من رأسه ... زرعت فأنبت جانباها فلفلا
" الطرماح: له في المرقص قوله:
يبدو وتضمره البلاد كأنه ... سيف على شرف يسل ويغمد
وقوله في السحاب:
دانٍ مسف فويق الأرض هيدبة ... يكاد يلمسه من قسام بالراح
" الكميت " له في المطرب قوله:
فيا موقدًا نارًا لغيرك ضوءها ... ويا حاطبًا في حبل غيرك تحطب
" عدي بن الرقاع ": له في المقص في ولد الظبية قوله الذي حسده عليه جرير:
تزجى أغن كان أبرة روقه ... قلم أصاب من الدواة مدادها
وقوله في الخيل:
يخرجن من فرجات النقع دامية ... كأن آذانها أطراف أقلام
وله في المطرب:
وكأنها وسط النساء أعارها ... عيينة أحور من جآذر جاسم
وسنان أقصده لنعاس فرنقت ... في عينه سنة وليس بنائم
" ليلى الأخيلية " لها في المرقص:
كريم يغض الطرف فرط حيائه ... ويدنو وأطراف الرماح دواني
وكالسيف أن لا ينته لأن متنه ... وحداه أن خاشنته خشنان
" الوليد بن يزيد بن عبد الملك ": له في المطرب قوله:
فالليل أطول شيء حين أفقدها ... والليل أقصر حين ألقاها
المخضرمون من شعراء الدولتين
" الرماح بن أزد ": له في المطرب قوله:
ولا أنس م الأشياء لا أنس قولها ... وأدمعها يذرين حشو المكاحل
تمتع بذا اليوم القصير فإنه ... رهين بأيام الفراق الأطاول
" طريح بن أسماعيل ": له في المرقص قوله لكاتب مروان بن محمد وقد كلفه رفع حاجة إلى الخليفة وسأله إستنجازها فقال: جعلتها في جملة الحوائج:
تخل لحاجتي وأشدد قواها ... وقد أمست بمنزلة الضياع
إذا أرضعتها بلبان أخرى ... أضر بها مشاركة الرضاع
" المستهل بن الكمين ": له في المرقص قوله ويروي لبكر بن النطاح:
غراء تسحب من قيام فرعها ... وتغيب فيه وهو وحف أسحم
وكأنها فيه نهار ساطع ... وكأنه ليل عليها مظلم
" الحسين بن طير ": له في المرقص قوله:
مخصرة الأوساط زانت عقودها ... أحسن مما زينتها عقودها
تمنى بنا حتى ترف قلوبنا ... رفيف الخزامى بات طل يجودها وقوله:
فتى عيش في معروفه عد موته ... كما كان بعد السيل مجراه ممرعا
" مروان بن أبي حفصة ": له في المطرب:
1 / 14
مسحت ربيعة وجه معن سابقًا ... لما جرى وجرى ذوو الأحساب
وجرت به غر سوابق زانها ... كرم النجار وصحبة الأنساب
قوم رواق المكرمات عليهم ... عالي العماد ممدود الأطناب
" بشار بن برد ": له في المرقص قوله:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
وفي المطرب قوله:
إذا جئته في حاجة سد بابه ... فلم تله إلا وأنت كمين
الباقون من شعراء صدر الدولة العباسية الكائنين في آخر المائة الثانية // " أبو نؤاس ": هو من أئمة أصحاب معاني الغوص ولا سيما في أوصاف الخمر ومن مرقصاته قوله:
فتمشت في مفاصلهم ... كتمشي البرء في السقم
وقوه:
وحمراء قبل المزج صفراء بعده ... كأن شعاع الشمس يلقاك دونها
ترى العين تستكفيك من لمعانها ... وتحسر حتى مل تقل جفونها
كأن يواقيتًا بصحن أنائها ... وزرق سنانير تدير عيونها
وقوله:
قال أبغني المصباح قلت له إتئد ... حسبي وحسبك ضوءها مصباحًا
فسكبت منها في الزجاجة شربة ... كانت له حتى الصباح صباحًا
شك البزال فؤادها فكأنما ... أهدت إليك بريحها تفاحا
عمرت يكاتمها الزمان حديثه ... حتى إذا بلغ الشآمة باحا
وقوله:
د عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لو مسها حجر مسته سراء
قامت بإبريقها والليل معتكر ... فلاح من وجهها في البيت لألأ
وأرسلت من فم ابريق صافية ... كأنما أخذها بالعقل أغفاء
رقت عن الماء حتى ما يلائمها ... لطافة وأنتفى عن شكلها الماء
وقوله:
وإذا علاها الماء ألبسها ... ربدًا شبيه خلاخل الحجل
حتى إذا سكنت جوانبها ... كتبت مثل أكارع النمل
وقوله في الغزال:
يا من بدائع حسن ثورته ... تثني إليه أعنة الحدق
لي فيك ما للناس كلهم ... نظر وتسليم على الطرق
لكنهم سعدوا بأمنهم ... وشقيت حين أراك بالفرق
وقوله:
بصحن خد لم يغض ماؤه ... ولم تخضه أعين الناس
وقوله:
مباحة ساحة القلوب له ... يرتاع فيها أطايب الثمر
وقوله:
بانوا وفيهم شموس دجن ... تنعل أقدامها القرون
تعوم أعجازهن عومًا ... وتنثني تحتها المتون
" والية بن الحباب ": له في المطرب:
ولها ولا ذنب لها ... حب كأطراف الرماح
بالقلب تعبث دائمًا ... فالقلب مجروح النواح
" العباس بن الأحنف ": له في المرقص:
أحرم منكم ما أقول وقد ... نال به العاشقون من عشقوا
صرت كأني ذبالة نصبت ... تضيء للناس وهي تحترق
وقوله:
والنجم في كبد السماء كأنه ... أعمى تحير ما لديه قائد
وفي المطرب قوله:
همت بإتياننا حتى إذا نظرت ... إلى المرآة نهاها وجهها الحسن
وقوله:
يكون أجاجًا دونكم فإذا إنتهى ... إليكم علاء طيبكم فيطيب
" أبو العتاهية ": له في المطرب:
ليالي تدني منك بالقرب مجلسي ... ووجهك من ماء البشاشة يقطر
وقوله:
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها
" سلم الخاسر ": له في المطب:
لا تسأل المرء عن خلائقه ... في وجهه شاهد من الخبر
وقوله:
أعطاك قبل سؤاله ... فكفاك مكروه السؤال
شعراء المائة الثالثة
" حبيب بن أوس الطائي ": قد علوا من مخترعاته قوله:
وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود
ولولا إشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف فضل طيب العود
وقوله في المرقص:
1 / 15
أمطلع الشمس تبغي أن تؤم بنا ... فقلت كلا ولكن مطلع الجود
وقوله:
واكب زارت في ليال قصيرة ... يخيلن لي من حسنهن كواكبا
وجوه وأن الأرض فيها كواكب ... توقدت للساري لكانت كواكبا
وقوله:
من كان مرعى عزمه وهمومه ... روض الأماني لم يزل مهزولًا
وقوله:
إنما البشر روضة فإذا كا ... ن وبر فروضة وغدير
فتكلم بما تجمجم فالمن ... طق عنوان ما تجن الصدور
وقوله:
أصم بك الناعي وإن كان أسمعا ... وأصبح عرنين المكارم أجدعا
وما كنت إلا السيف ضريبة ... قطعها ثم إنثنى فتقطعا
وقوله:
ألا في سبيل الله عطلت له ... فجاج سبيل اله وأنثغر الثغر
فتى كلما فاضت عيون قبيلة ... دمًا ضحكت عنه الأحاديث والذكر
كان بني نبهان يوم وفاته ... نجوم سماء خر من بيتها البدر
تردى ثياب الموت حمرًا فما أتى ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر
وذلك من قصيدته التي أولها:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... فليس لعين لم تفض ماءها عذر
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... فليس لعين لن تقض ماءها عذر
وقوله في المطرب:
ولو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله
وقوله في وصف قصيدة:
فكأنما والسمع معقود بها ... وجه الحبيب بدا لعين محبه
وقوله:
أجدك ما ينفك يسري لريبنا ... خيال إذا آب الظلام تأوبا
سرى من أعالي الشام بجذبه الكرى ... هبوب نسيم الريح تجلبه الصبا
وقوله في الخمر:
يخفي الزجاجة لونها فكأنما ... في الكف قائمة بغير إناء
وقوله:
متعتب بي حيث لا متعتب ... إن لم يجد جرمًا على تجرما
ألف الصدود فلو يمر خياله ... بالصب في سنة الكرى ما سلما
وقوله:
دنوت تواضعًا وعلوت مدًا ... فشأنك إنحدار وأرتفاع
كذاك الشمس تبعد أن تسامي ... ويدنو الضوء منها والشعاع
وقوله:
كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معي وإذا ما لمته وحدي
وقوله:
ظبي تقنصته لما نصبت له ... في آخر الليل أشراكًا من الحلم
" عبد الصمد بن المعدل " له في المطرب:
أقول وجنح الدجى ملبد ... ولليل في كل فج يد
" ديك الجن ": له في المرقص قوله:
بها معذول فدار خمارها ... وصل بعشيات الغبوق إبتكارها
مشعشعة من كف ظبي كأنما ... تناولها من خده فأدراها
" دعبل ": له في المرقص:
وداعك مثل وداع الربيع ... وفقدك عندي كفقد الديم
وفي المطرب قوله:
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن
" أبو الشيص ": له في المطرب قوله:
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة ... حبًا لذكرك فليلمني اللوم
" عبد الله الربيعي ": له في المرقص:
كأنني ثمل مر النديم ضحى ... عنه بإقداحه من بعد ميثاق
فكل كف رآها ظنها قدحًا ... وكل شخص آه ظنه الساقي
" إبراهيم بن المهدي ": له في المطرب:
إذا كلمتني بالعيون الفواتر ... رددت عليها بالدموع البوادر
فلا يعلم الواشون م در بيننا ... وقد قضيت حاجتنا في الضمائر
" علية بنت مهدي ": لها في المطرب:
وأحسن أيام الى يومك الذي ... تروّع بالهجران فيه وبالعتب
إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضا ... فأين حلاوات الرسائل والكتب
" إبن الزيات الوزير ": له في المطرب:
ما لي إذا غبت لن أذكر بواحدة ... وإن مرضت فطال السقم لم أعد
ما أعجب الشيء ترجوه وتحرمه ... قد كنت أحسب أني قد ملأت يدي
" الحسن بن الضحاك الخليع ": له في المطرب:
1 / 16
وكالوردة الحمراء حيًا بأحمر ... من الخمر يسعى في غلائل كالورد
له عبثات عند كل تحية ... بعينيه يستدعي الحليم إلى الوجد
رعى الله عصر ألم أبت فيه ليلة ... من الدهر إلا من حبيب على رعد
" أبو علي البصير ": له في المرقص قوله:
لعمر أبيك ما نسب المعلى ... إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا إقشعرت ... وصوح نبتها رعي الهشيم
" إبراهيم بن العباس الصولي ". له في المطرب:
وليلة من الليالي الغر ... قابلت فيها بدرها ببدري
لم تك إلا شفقًا في فجر ... حتى تقضت وهي بكر الدهر
" علي بن الجهم ": له في المرقص:
وقلن لنا نحن الأهلة إنما ... نضيء لمن يسري إلينا ولا نقري
فلا نيل إلا ما تزود ناظر ... ولا وصل إلا بالخيال الذي يسري
وقوله:
ولكن إحسان الخليفة جعفر ... دعاني إلى ما قلت فيه من الشعر
فسار مسير الشمس في كل بلدة ... وهب هبوب الريح في البر والبحر
" خالد الكاتب ": له في المطرب:
رقدت ولم ترث للساهر ... وليل المحب بلا آخر
وفي المرقص وله:
عشية حياني بورد كأنه ... دود أضيفت بعضهن إلى بعض
وراح وفعل الراح في حركاته ... كفعل نسيم الريح في الغصن الغضن
" يزيد بن خالد المهلبي ": له في المطرب:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلًا أن تعد معايبه
وقوله:
أن تعيبي عني فسقيا ورعيا ... أو تحلي بنا فأهلًا وسهلا
" البحتري ": له في المرقص قوله:
شرف تتابع كابرًا عن كابر ... كالرمح أنبوبًا على أنبوب
" عبيد الله بن طاهر ": له في المرقص:
وإذا سألتك رشف ريقك قلت لي ... أخشى عقوبة مالك الأملاك
ماذا عليك دفعت قبلك للثرى ... من أن أكون خليفة المسواك
أيجوز عندك أن يكون متيم ... كلف حبك دون عود أراك
" أحمد بن سليمان بن وهب ": له في المرقص قوله:
حفت سرو كالقيان تلحفت ... خضر الحرير على قوام معتدل
فكأنها حين الرياح تميلها ... تبغي التعانق ثم يمنعها الكسل
" احمد بن يونس الكاتب ": له في المرقص في تفصيل الورد على النرجس:
يا من يشبه نرجسًا بنواظر ... دعج تنبه أن فهمك راقد
إن القياس لمن يصح قياسه ... بين العيون وبينه متباعد
والورد أشبه بالخدود حكاية ... فعلام تجحد فضله يا جاحد
ملك قصير عمره متأهل ... بخدوده لو أن حيا خالد
وخليفة إن غاب ناب بنفعه ... وبنفحه عنه مقيم راكد
إن كنت تنكر ما ذكرنا بعدما ... وضحت عليه دلائل وشواهد
فأنظر إلى المصفر لونًا منهما ... وأفطن فما يصفر إلا الحاسد
" علي بن الرومي ": يقولون أنه أحق الناس بإسم شاعر لكثرة إختراعه، وحسن توليده، ومن مرقصاته قوله في ذم الورد.
كأنه سرم بغل حين سكرجه ... لدى البزار وباقي الروث وسطه
وقوله في تفضيل النرجس على الورد:
خجلت خدود أورد من تفضيله ... خجلًا تورد ما عليه شاهد
للنرجس الفضل المبين وأن أبى ... آبٍ وحاد عن الطريقة حائد
ينهى النديم عن القبيح بلحظه ... وعلى المدامة والسماع مساعد
أين العيون من الخدود نفاسة ... ورآسة لولا القياس الفاسد
وقوله وهو من مخترعاته:
تشكي المحب وتلقي وهي باكية ... كالقوس تصمي الرمايا وهي مرنان
وقوله:
فالموت إن نظرت وإن هي إعترضت ... وقع السهام ونزعهن أليم
وقوله في مخاطبة بني طاهر:
علتم علينا علوّا السماء ... فجردوا علينا بأنوائها
شعراء المائة الرابعة
" أحمد بن جعفر المعروف بجحظة ": له في المطرب:
وإذا جفاني صحب ... لم أستجز ما عشت قطعه
1 / 17
وتركته مثل القبو ... ر أزورها في كل جمعة
" أحمد بن أبي البغل الكاتب ": له في المطرب:
دعوا مقلتي تبكي لفقد حبيبها ... وتطفي ببرد الدمع حر لهيبها
ففي حلى خيط الدمع للقلب راحة ... فطوبى لنفس متعت بحبيبها
بمن لو رأته القاطعات أكفها ... لما رضيت إلا بقطع قلوبها
" محمد بن صالح الحسني ": له في المطرب:
وبدا له من بعد ما إندمل الهوى ... برق تألق موهنًا لمعانه
يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرى متمنع أركانه
فالنار ما حنيت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت به أجفانه
" محمد بن عبد الله الأخيطل ": له في المرقص قوله في مصلوب:
كأنه عاشق قد مد راحته ... يوم الوداع إلى توديع مرتحل
أو قائم من نعاس فيه لوثته ... مواصل لتعطيه من الكسل
" أبو عبد الرحمن العطوي ": له في المرقص في رثاء أحمد بن داود:
وليس صرير النعش ما تسمعونه ... ولكنه أصلاب قوم نصف
وليس فتيق المسك ما تجدونه ... ولكنه ذاك الثناء المخلف
" إبن جبلة العكوك ": له في المرقص قوله:
إنما الدنيا أبو دلف ... بين بادية ومحتضره
فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره
" أحمد بن أبي فتن ": له في المرقص:
كلنا جميعًا وثوب الدجى ... لينا لمبصرنا واحد
" إسماعيل الحمدوني ": له في المطرب:
يا إبن حرب أطلت فقري برفوى ... طيلسانًا قد كنت عنه غنيًا
فهو في الرفو آل فرعون في العر ... ض على النار غدوة وعشيا
زرت فيه معاشرًا فازدروني ... فتغنيت إذ راوني زريا
جئت في زي زائر كي أراكم ... وعلى الباب قد وقفت مليا
" راشد بن حكيمة ": له في المطرب:
تصبرت مغلوبًا وإني لصابر ... كما يصبر الظمآن في البلد القفر
وقوله:
وما خطرت دواعي الشوق إلا ... هززت إليك أجنحة التصابي
" بكر بن النطاح ": له في المرقص:
وائل بعضها يفلل بعضًا ... لا يقل الحديد غير الحديد
وفي المطرب:
ملأت يدي من الدنيا مرارًا ... فما طمع العواذل في إقتصادي
وما وجبت علي زكاة مال ... وهل تجب الزكاة على الجواد
" علي بن بسام ": له في المطرب:
أما ترى الليل قد ولت عساكره ... وارض الفجر الإشراق قد طلعا
فأشرب وردة على وردية قدست ... كأنها خد ريم ريم فأمتنعا
" كشاجم ": له في المرقص:
وقد حسرت عن واضح الفرق فاحمًا ... كخطى ظلام شق بينهما صبح
وقوله:
فديت زائرة في العيد واصلة ... والهجر في غفلة عن ذلك اخبر
فلم يزل قدها ركنًا أطوف به ... والخال في خدها يغني عن الحجر
وقوله:
أهلًا بتين جاءنا ... مبتسمًا على طبق
يحكي الصباح بعضه ... وبعضه يحكي الغسق
كسفرة من أدمٍ ... مضمونة بلا حلق
" عبد الله بن المعتز ": هو إمام المشبهين في الدولة العباسية، ومن محاسنه المرقصة:
وفتيان سروا والليل داج ... وضوء الصبح متهم الطلوع
كان بزاتهم أمراء جيش ... على أكتافهم صدأ الدروع
وقوله:
ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا ... مثل القلامة قد قدّت من الظفر
وقوله:
أهلًا بفطر أثار هله ... فالآن فأغدُ على المدام وبكر
وأنظر إليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر
وقوله:
بنفسج خجلت أوراقه فحكت ... كحلًا تشرّب دمعًا يوم تشتيت
كأنه وضعاف القضيب حمله ... أوائل النار في أطراف كبريت
وقوله:
ساروا وقد خضعت شمس الأصيل لهم ... حتى توقدت في ليل الدجى الشفق
وقوله:
كأن سماءنا لما تجلت ... خلال نجومها عند الصباح
1 / 18
رياض بنفسج خضل نداء ... تفتح فيه نوار الأقاح
" أبو الطيب المتنبي ": له في المرقص:
فإن يك سيار بن مكرم إنقضى ... فإنك ماء الورد إن ذهب الورد
وقوله:
فأصبح شعري منهما في مكانه ... وفي عنق الحسناء يستحسن العقد
وقوله:
والهجر أقتل لي مما أراقبه ... أنا الغريق خوفي من البلل
وقوله:
وما ثناك كلام الناس عن كرم ... ومن يسد طريق العارض الهطل
وقوله:
فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال
وقوله:
وعدت إلى حلب ظافرًا ... كعود الحلى إلى العاطل
" أبو نصر بن نباتة ": له في المرقص في فرس أهداه له سيف الدولة:
قد جاءنا المهر الذي أهديته ... جذلان يخلط أرضه بسمائه
وكأنما لطم الصباح جبينه ... فأقتص منه فخاض في أحشائه
وقوله:
لم يبق جودك لي شيئًا أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل
" سيف الدولة ": له في المرقص قوله الذي نسبه صاحب اليتيمة له، وقد نسب لإبن الرومي ونسب لأبن حماد المغربي وهو:
وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفًا ... على الجو دكنًا والحواشي على الأرض
يطرّزها قوس السماء بأحمر ... على أخضر في أصفر فوق مبيض
كأذيال خود أقبلت في غلائل ... مصبغة والبعض أقصر من بعض
" أبو راس الحمداني ": له في المرقص قوله وقد وجه سيف الدولة عسكرًا فيه أبو فراس فنصر:
كنا كالسهام إذا أصابت ... مراميها راميها أصاب
وقوله:
وجررن العوالي في مقام ... تحدث عنه ربات الحجال
كأن الخيل تعلم من عليها ... ففي بعض على بعض تعال
" أبو العشائر بن حمدان ": له في المرقص قوله:
لقرأت منها ما تخط يد الوغى ... والبيض تشكل والأسنة تنقط
وقوله:
لقيناهم بأرماح طوال ... تبشرهم بأعمار قصار
" السرى الموصلي ": له في المرقص:
يلوح على الكاسات فاضلها كما ... يلوح على حمر الخدود السوالف
وقوله:
نفسي من ردّ التحية ضاحكًا ... فجددت بعد اليأس في الوصل مطمعي
وحالت دموع العين بيني وبينه ... كأن دموع العين تعشقه معي
وقوله في المطرب:
حيا بك الله عاشقيك فقد ... أصبحت ريحانة لمن عشقا
" الواو الدمشقي ": له في المرقص:
فأمطرت لؤلؤًا من نرجس وسقت ... وردًا وعضت على العناب بالبرد
وقوله:
متى أرعى رياض الحسن منك ... ويني قد تضمنها غدير
وقوله:
من قاس جدواك بالغمام فما ... أنصف في الحكم بين شيئين
أنت إذا جدت ضاحكًا أبدًا ... وهو إذا جاد باكي العين
" أبو الفرج الببغا ": له في المرقص:
كأنما نقشت حوافر خيله ... للناظرين أهلة في الجامد
وكأن طرف الشمس مطروف وقد ... جعل الغبار به مكان الأثمد
وقوله:
الباذل العرف والأنواء باخلة ... والمانع الجار والأعمار تخترم
حيث الدجى النقع والبيض الكواكب ... والأسد الفوارس والخطية الأجم
" الوزير المهلبي ": له في المرقص ويروي لإبن طباطبا:
خليليّ إني للثريا لحاسد ... وإني على ريب الزمان لواجد
أيبقى جميعًا شملها وهي ستة ... وأفقد من أحببنه وهو واحد
" الشريف الرضي ": له في المرقص:
وأستهلا حديث من سكن الخي ... ف ولا تبكياه إلا بدمعي
فاتني أن أرى الديار بطرفي ... فلعلي أرى الديار بسمعي
" محمد بن هشام الخالدي ": له في المرقص:
ما عذرنا في حسونا ألا كوايا ... سقط الندى وصفا الهواء وطابا
وكأنما الصبح المنير وقد بدا ... باز أطار من الظلام غرابا
سفرت فغار حياؤها من طرفنا ... فعلا محاسنها فصار نقابا
" أخوه سعيد ": له في المرقص:
ومدامة حمراء في قارورة ... زرقاء تحملها يد بيضاء
1 / 19
فالراح شمس والحباب كواكب ... والكف قطب والأناء سماء
" الصاحب بن عباد " له في المرقص:
رق الزجاج وراقت الخمر ... وتشابها فتشاكل الأمر
فكأنما خمر ولا قدح ... وكأنما قدح ولا خمر
" الصبابي ": له في المرقص:
وكم من يد بيضاء حازت جمالها ... يد لك لا تسود إلا من النقس
إذا رقشت بيض الصحائف خلتها ... تطرزت بالظلماء أردية الشمس
" أبو العباس الضبي ": له في المرقص "
زعم البنفسج أنه كعذاره ... حسنًا فسلوا من قفاه لسانه
وقوله:
فالشمس عند غروبها ... تصفر من ألم الفراق
" أبو الحسن السلامي ": له في المرقص:
فبشرت آمالي بمولى هو الورى ... ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر
" أبو سعيد الرستمي ": له في المرقص:
أفي الخلق أن يعطي ثلاثون شاعرًا ... ويحرم ما بين الورى شاعر مثلي
كما سامحوا عمرًا بواو زياد ... وضويق بسم الله في ألف الوصل
" إبن مطران ": له في المرقص:
ظباء أعارتها الظبا حسن وجهها ... كما قد أعارتها العيون الجاآذر
ومن حسن ذاك المثنى جاءت فقبلت ... مواطيء من أقدامهن الضفائر
" أبو الفتح الكاتب البكتمري ": له في المرقص:
وروضة راضية عن الديم ... وطئتها بناظري دون القدم
وصنتها صوني بالشكر النعم
" أبو الفياض كاتب سيف الدولة ": له في المرقص:
قم سقني خفق الناي والعود ... ولا تبع طيب مفقود بموجود
نحن الشهود وخفق العود خاطبنا ... زوج إبن غمام بنت عنقود
" سيدوك التمار ": له في المرقص.
عهدي به ورداء الوصل يجمعنا ... والليل أطوله كاللمح بالبصر
الآن ليلي لما ان فقدتهم ... ليل الضرير غير منتظر
" أبو الحسن النحام ": له في المرقص:
يا سائلي عن خالد عهدي به ... رطب العجان وكفه كالجلمد
كالأقحوان غداة غب سمائه ... جفت أعاليه وأسفله ندى
" أبو بكر الخوارزمي ": له في المرقص:
عليك بإظهار التجلد للعدا ... ولا يظهرن منك الذبول فتحقرا
الست ترى الريحان يشتم ناضرًا ... ويطرح في الميضاة لما تغيرا
" بديع الزمان ": له في المرقص:
وكاد يحكيه صوب الغيث منسكبًا ... لو كان طلق المحيا بمطر الذهبا
والدهر لو لم يخن والشمس لو نطقت ... والليت لو لم يصدروا البحر لو عذبا
" أبو العلا السروري ": له في المرقص:
مررنا على الروض الذي قد تبسمت ... رباه وأرواح الأباريق تسبك
فلم نر شيئًا كان أحسن منظرًا ... من الروض يجري دمعه وهو يضحك
" أبو النصر العتبي ": له في المطرب:
الله يعلم أني لست ذا بخل ... ولست ملتمسًا بالبخل لي عللا
لكن طاقة مثلي غير خافية ... والذر يعذر في القدر الذي حملا
" الخباز البلدي ": له في المرقص:
وذي شجر للطير فيه تشاجر ... كأن صنوف النور فيه جواهر
كأن القماري والبلابل حولنا ... قيان وأوراق الغصون ستائر
" عبد الصمد بن بابل ": له في المرقص:
أنا النشوان من خمر الأماني ... ونشوان الأماني غير صاح
وما قصرت في طلب ولكن ... بل الحسناء عن بخت القباح
" أبو الفرج بن هند ": له في المرقص:
عابوه لما إلتحى فقلنا ... عبتم وغبتم عن الجمال
هذا غزال وما عجيب ... تولد المسك في الغزال
" الأمير شمس المعالي قابوس ": له في المرقص:
قل للذي بصروف الدهر عيرنا ... هل عاند إلا من له خطر
أما ترى البحر تطفو فوقه جيف ... وتستقر بأقصى قعره الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها ... وليس بكسف الشمس والقمر
" الأمير أبو الفضل الميكالي " له في المرقص:
كم والد يحرم أولاده ... وخيره يحظى به الأبعد
1 / 20