ما رفع عليه إليك فباطل. وأما القاضي فلا ينبغي للأمير أن يشركه في عدله من يشركه في نسبه.
فعزله الأمير حينئذ عن القضاء.
وقال محمد بن حارث: أخبرني بعض العلماء قال: قدم موسى بن حدير عن الحج وكان في الغاية من النبالة، ودعاه الأمير عبد الرحمن إلى الخدمة، فأبى عليه، ولزم الانقباض، فبلي بعد مديدة بامرأة من جيرانه استعدت عليه القاضي إبراهيم، وذكرت أنه ظلمها في دار لها تلاصقه.
فأرسل فيه إبراهيم وأحضره إلى مجلسه، ووقفه على دعوى المرأة، واقتضى جوابه.
فقال له: أوكل - أعزك الله - عندك من يخاصمها عني.
فقال: لا بد لك أن تقول بما عندك من إقرار أو إنكار، ثم توكل بعد ذلك على خصومتك من تشاء.
فقال موسى: لا، بل أذاكر نفسي، وأقدم من يجاوب عني بما أحققه من أمرها. فأبى إبراهيم أن يقبل منه، واضطره إلى تعجيل جوابه في مجلسه، واشتد عليه. فلما لم يجد من الجواب بدًا، وقد حمى والتظى، قال: أو خير من ذلك - أصلحك الله -؟ أقول إن جميع ما تدعيه هذه المرأة حق، وهي في دعواها مصدقه لا اعتراض عندي عليها. فلا سبيل لك إلي! فقام وهو قد احتمل على إبراهيم حقدًا عظيمًا حمله على أن سعى عليه، وأرهف حيلته لمطالبته.
1 / 196