وشيء آخر يدل على صحة مذهب أبي الحسن، وهو أن هذه العين قد اعتلت في "قال، وباع، وقيل، وبيع" وفي أصل: "مَبِيع، ومَقُول"، فكما أُعلت بالإسكان والقلب، كذلك أعلت أيضا بالحذف، وواو "مفعول" لم تنقلب من شيء ولم تعتل في الفعل١، فكان تركها وحذف المعتل أوجب.
ألا ترى إلى قولهم: "اتقّى" وأصله: "اوْتَقَى"، فلما أعلت الفاء بقلبها تاء، أعلت بالحذف فيما أنشدناه أبو علي، وقرأته عليه في النوادر عن أبي زيد:
تَقُوه أيها الفتيان إني ... رأيت الله قد غلب الجدودا
وأنشدنا أيضا عنه:
قصرت له القبيلة إذ تجهنا ... وما ضاقت بشدته ذراعي
وأصل هذين: "اتّقوه، واتّجهنا".
قال أبو علي: ولكنه لما أعل الفاء بالقلب، أعلها بالحذف، فكذلك لما أعلت عين "مفعول" بالإسكان والقلب، أعلت أيضا٢ بالحذف.
وأيضا فإن العين في "مقول، ومبيع" قد حذفت في قولهم: "قل، وبع" ونحو ذلك، فكما٣ حذفت في غير هذا الموضع، كذلك حذفت هنا.
وللخليل أن يقول: إن الساكنين إذا التقيا في كلمة واحدة٤، حرك الآخر منهما، فكذا يحذف الآخر منهما.
ولأبي الحسن أن يرد هذا ويقول: إنهما إذا التقيا في كلمة واحدة٤، حذف الأول نحو "خَفْ، وقُلْ، وبِعْ"، لا سيما إذا كان الثاني منهما جاء لمعنى،