وأيضا فلم يدخل في مضارع "فعُل" كسر ولا فتح كما جاء "قتل يقتل، وفضل يفضل"؛ لأن "فعُل" لا يتعدى، فلم يقوَ قوة "فَعِل، وفَعَل" المتعديين، فدخلا عليه ولم يدخل عليهما.
وحكى سيبويه: "كدت أكاد" وهذا١ من الشاذ، وكأنه٢ إنما جاء "كُدْت أكاد" على "فعُل يفعَل" لأحد أمرين:
إما أن يكون اجتُرئ عليه بأن أخرج عن بابه؛ لضعفه باعتلال عينه.
وإما أن يكون عُوِّض من اعتلال عينه، فقوي بضرب من التصرف ليس لنظيره.
ويجوز أن يكون لما أتى الماضي على "فعُل" وعينه ياء، فخرج عن الأصول، أُخرج أيضا مضارعه عما عليه الجمهور، أو لئلا تنقلب الياء في المضارع واوا وجعلهم الفتحة والكسرة في عين ماضي المتعدي أحد ما ينبه على بعد ما بين الكسرة والفتحة وبين الضمة.
ألا ترى أن الضمة جعلت لعين٣ ضرب من الأفعال مباين لباب ما انفتحت٤ عينه وانكسرت.
فإن قيل٥: ولِمَ جعلت الضمة في هذا الباب دون الفتحة والكسرة؟
قيل٥: لأن ما يتعدى من الأفعال أكثر مما لا يتعدى، فجعلت الضمة في عين ما لا يتعدى لقلته، وخصوا المتعدي بالفتح والكسر لكثرته وخفة الفتحة والكسرة هربا من أن يكثر من كلامهم ما يستثقلونه.