مختصر زاد المعاد
مختصر زاد المعاد
خپرندوی
دار الريان للتراث
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
د خپرونکي ځای
القاهرة
أن الإمام لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُهْمِلَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ بَلْ يُذَكِّرُهُ لِيُرَاجِعَ الطاعة، فإنه ﷺ قال: ما فعل كعب "؟ ولم يذكر سواه استصلاحا له وإهمالا للمنافقين.
ومنها: جواز الطعن في رجل بما يغلب على اجتهاد الطاعن ذَبًّا عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَمِنْ هَذَا طَعْنُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِيمَنْ طَعَنُوا فِيهِ مِنَ الرُّوَاةِ، وطعن أهل السنة في أهل البدع.
ومنها: جواز الرد على هذا الطَّاعِنِ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الرَّادِّ أَنَّهُ وَهَم وغلط كما رد معاذ ولم ينكر ﷺ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
ومنها: أن السنة للقادم من سفر أَنْ يَدْخُلَ الْبَلَدَ عَلَى وُضُوءٍ، وَأَنْ يَبْدَأَ ببيت الله قبل بيته فيصلي ركعتين.
ومنها: ترك الإمام رَدَّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا تَأْدِيبًا له وزجرا لغيره.
وَمِنْهَا: مُعَاتَبَةُ الْإِمَامِ وَالْمُطَاعِ أصحابَه وَمَنْ يَعِزُّ عليه، فإنه عاتب الثلاثة دون غيرهم. وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْ مَدْحِ عِتَابِ الْأَحِبَّةِ وَاسْتِلْذَاذِهِ وَالسُّرُورِ بِهِ، فَكَيْفَ بِعِتَابِ أَحَبِّ الْخَلْقِ على الإطلاق إلى المعتوب عليه، فلله مَا كَانَ أَحْلَى ذَلِكَ الْعِتَابَ وَمَا أَعْظَمَ ثَمَرَتَهُ وَأَجَلَّ فَائِدَتَهُ وَلِلَّهِ مَا نَالَ بِهِ الثلاثة من أنواع المسرات، وحلاوة الرضى وَخِلَعِ الْقَبُولِ.
وَمِنْهَا تَوْفِيقُ اللَّهِ لكعب وَصَاحِبَيْهِ فِيمَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الصِّدْقِ، وَلَمْ يَخْذُلْهُمْ حَتَّى كَذَبُوا وَاعْتَذَرُوا بِغَيْرِ الْحَقِّ، فَصَلُحَتْ عَاجِلَتُهُمْ، وفسدت عاقبتهم وَالصَّادِقُونَ تَعِبُوا فِي الْعَاجِلَةِ بَعْضَ التَّعَبِ، فَأَعْقَبَهُمْ صلاح العاقبة، وعلى هذا قامت الدنيا والآخرة، فمرارات المبادئ حلاوات في العواقب، وحلاوات المبادئ مرارات في العواقب.
وفي نهيه ﷺ عن كلامهم بَيْنِ سَائِرِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِمْ وَكَذِبِ الْبَاقِينَ، فَأَرَادَ هَجْرَ الصَّادِقِينَ وَتَأْدِيبَهُمْ على هذا الذنب. وأما المنافقون فهذا الدواء لا يعمل في مرضهم، وَهَكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ بِعِبَادِهِ فِي عُقُوبَاتِ جَرَائِمِهِمْ، فَيُؤَدِّبُ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يُحِبُّهُ وَهُوَ كَرِيمٌ عِنْدَهُ بِأَدْنَى زَلَّةٍ وَهَفْوَةٍ، فَلَا يَزَالُ مُسْتَيْقِظًا حَذِرًا، وَأَمَّا مَنْ سَقَطَ مِنْ عَيْنِهِ وَهَانَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعَاصِيهِ، فكلما أحدث ذنبا أحدث له نعمة.
وقوله: " حتى تسوَّرتُ حَائِطِ أبي قتادة " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى دُخُولِ الرجل دار صاحبه وجاره، إذا علم رضاه بلا إذن، وفي أمره لهم باعتزال النساء كالبشارة بالفرج من جهة كلامه لهم، ومن أمره لهم بالاعتزال.
وفي قوله: " الحقي بأهلك " دليل على
1 / 186