أهل البيت. (١)
والجواب أن الله تعالى قال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ فما كان في حماية الباري عز اسمه كيف يمكن للبشر تنقيصه وتحريفه، سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم، ونعوذ بك من الشيطان الرجيم.
الخامسة
ومن مكائدهم أن جماعة من علمائهم اشتغلوا بعلم الحديث أولا وسمعوا من ثقات المحدثين من أهل السنة فضلا عن العوام، ولكن الله ﷾ قد تفضل على أهل السنة فأقام لهم من يميز بين الطيب والخبيث، وصحيح الحديث وموضوعه، حتى إنهم لم يخفَ عليهم وضع كلمة واحدة من الحديث الطويل. (٢)
السادسة
ومن مكائدهم أنهم ينظرون في أسماء الرجال المعتبرين عند أهل السنة، فمن وجدوه موافقا لأحد منهم في الاسم واللقب أسندوا رواية حديث ذلك الشيعي إليه، فمن لا وقوف له من أهل السنة يعتقد أنه إمام من أئمتهم فيعتبر بقوله ويعتد بروايته، كالسدي فإنهما رجلان أحدهما السدي الكبير، (٣) والثاني السدي الصغير، (٤) فالكبير من ثقات أهل السنة، والصغير من الوضاعين الكذابين وهو رافضي غال، وعبد الله بن قتيبة رافضي غالٍ، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة (٥) من ثقات أهل السنة، وقد صنف كتابا سماه بالمعارف، فصنف ذلك الرافضي كتابا وسماه بالمعارف أيضا قصدا للإضلال.
_________
(١) سورة الولاية واردة في كتاب الطبرسي (فصل الخطاب) ص ١٨٠، وهو يقول إنها ثابتة في كتابهم الفارسي (دبستان مذاهب) لمؤلفه محسن فاني الكشميري وهو مطبوع في إيران طبعات متعددة.
(٢) ومثال هؤلاء جابر بن يزيد بن الحرث الجعفي الكوفي، اختلف علماء الحديث من أهل السنة فيه، فوثقه بعضهم وضعفه وتركه آخرون، فقد تركه النسائي، وقال يحيى: «لا يكتب حديثه ولا كرامة»، ونقل عباس الدوري عن زائدة قوله عن الجعفي: «بأنه كان كذابا»، مات سنة ١٢٨هـ. ميزان الاعتدال: ٢/ ١٠٣. أما عند الإمامية فهو من خيرة رواتهم عن الباقر والصادق حتى قيل إنه روى عنهما سبعين ألف حديث، قال المامقاني: إن الرجل في غاية الجلالة ونهاية النبالة، وله المنزلة العظيمة ﵉ بل، من أهل أسرارهما وبطانتهما ومورد ألطافهما الخاصة وعنايتهما المخصوصة وأمينهما على ما لا يؤتمن عليه إلا أوحدي العدول من الأسرار ومناقب أهل البيت ﵈». تنقيح المقال: ١/ ٢٠٣؛ رجال النجاشي: ١/ ٣١٣.
(٣) من المفسرين المشهورين بالرواية، قال الحافظ ابن حجر: «مقارب الحديث»، توفي سنة ١٢٧هـ. طبقات ابن سعد: ٦/ ٣٢٣؛ تهذيب التهذيب: ١/ ٣٧٣.
(٤) هو محمد بن مروان السدي الكوفي، قال البخاري: «لا يكتب حديثه البتة»، وقال النسائي: «متروك الحديث»، وقال الذهبي: «تركوه واتهمه بعضهم بالكذب»، مات سنة ١٨٩هـ. تاريخ بغداد: ٣/ ٢٩١؛ ميزان الاعتدال: ٦/ ٣٢٨؛ شذرات الذهب: ١/ ٣٢٥.
(٥) أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، من علماء الحديث، له تصانيف، توفي سنة ٢٧٦. سير أعلام النبلاء: ١٣/ ٢٩٦.
1 / 32