ولقد أحسن المؤلف رحمه الله في ترتيب أطوار الحكم بعمان من إمامة وملكية حسب الزمان . منذ ظهور الحكم المستقل في عهد التابعين إلى آخر أيام المؤلف . أقول : لم يصل إلينا الجزء الأول من التحفة ، أما الجزء الثاني فمبدؤه من دولة اليعاربة إلى عهد المؤلف رحمه الله المتوفى في العقد الثالث من هذا القرن . قال الشيخ أطفيش : فكان حسن هذا الترتيب إحدى مزايا الكتاب . ولئن فات المصنف أن يضم إلى كتابه كثيرا من رسائل أئمة العلم إلى أئمة الحكم إذ لها علاقة بتاريخهم ، فإنه لم يدخر وسعا في جمع عهود الأئمة إلى ولاتهم وقوادهم وأمرائهم ، وكأنه رحمه الله يرى أن يحفل بشأن الأئمة حيث كان يذكر ما احتوى عليه كل إمام من كرائم الفعال ومحاسن الخصال ، وما ازدهر به عهده من علم وعدل ودين ومساواة بين الناس في الحق ، ومشاورة أهل الحل والعقد من العلماء في تصرفاته بحيث يخرج القارئ من مطالعته وقد تصورت له صفحة من تاريخ الحكم الشورى كما كان في عهد الخلفاء الراشدين ، ومقتضى ما يرشد إليه الكتاب العزيز ( وإنه لتنزيل رب العالمين ) ، ولم يحفل كربذ أطوار الحكم الفردي وما فيه من سوء الاستبداد واقتراف المنكرات ، والظلم من شيم تلك النفوس غالبا . وكان من مقتضى التاريخ أن يلم بكل أدوار الأمة التي يكتب عنها الكاتب ، إلا أنه ربما يعتذر عن المؤلف بأن علماء الشريعة يتورعون عن ذكر حوادث الجورة وما يأتونه من الجرائم بدعوى أن ذلك من قبيل نشر الباطل . والحق أن هذا ليس بعذر ، وأخطأ من يلتمسه .
مخ ۷۰