أصل العائلة البارونية واستمرار نفعها لا يوجد في المتنورين من أهل الجبل وغير الجبل من يجهل مكانة البيت الباروني وأن أصله من الجبل الأخضر بعمان وأنه من أمجد بيوتات الفضل والزعامة في ذلك القطر العامر ، وأن أبناء فروعه القائمة هناك ما زالوا ممن يشار إليهم بالبنان وتسند إليهم مقاليد الأقاليم بمملكة عمان من بلاد العرب وزنجبار ودار السلام من أفريقيا الشرقية . أما الفرع الذي استوطن الجبل فقد ظهر ذكره وذاع صيته فيما بين أواخر القرن الرابع الهجري وأوائل القرن الخامس ، وعندما ذكر صاحب السير أبا هارون الأول ذكر معه أحد العلماء الأعلام المعاصرين له قائلا هو صنو أبي هارون في العلم لا في النسب الخ . ومعلوم أن هذا الاحتراز لم يكن إلا لوجود بون شاسع بين المذكورين بحيث لا يسعه الغض عن بيان الفارق بينهما. هذا ولا يصح ما حادثني به مرة أحد الأفاضل البحاثين من علماء القطر الطرابلسي في أصل نسبنا آل الباروني وتعليل تسميته إذ قال ممازحا جادا :إن الذي يظهر لي أن أصلكم من أشراف الرومان أو الطليان الذين استوطنوا الجبل قديما والذين يحملون لقب ( بارون ) فغلب بعد ذلك على العائلة وصار علما عليها إلى أن ظهر الإسلام فأسلمت العائلة تحمل معها لقبها الموروث ومجدها المحفوظ بين قبائل نفوسة قبل الإسلام وبعده . فقلت له : هذا استظهار جميل وتعليل معقول . ولكنه غير صحيح .
مخ ۵۹