بعض مشاهير أمراء نفوسة منهم أبو عمر ميمون الذي ولي حكم نفوسة وعرف بالعدل وحسن السيرة والشدة في المر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكان رحمه الله ورعا عفيفا إلى حد بعيد ورعا عن قبول الهدايا حتى من الأجانب عن حكمه الغرباء عن بلاده ، يحكى أنه قدم إليه بعضهم شيئا من الهدايا النفيسة ومنها 400 دينار فأباها ونأى بجانبه عنها ، وكانوا أغنياء مثقلين بأموال التجارة السودانية ، وقد مروا بالجبل آمنين على أموالهم فرأوا أن من المروءة أن يقدموا شيئا لأميره ( ولعلهم اعتادوا ذلك مع غيره ) فما كان منه إلا أن رد عليهم ما قدموه . فلله ما أعمر هذه القلوب بإيمان الله والقناعة باليسير من الرزق .
ومنهم أبو الفضل سهل ، فإنه تولى أمر نفسة وسار سيرة ميمون في العدل والاستقامة ، وقد وقعت له محاربات مع المعتدين على بلاده من العرب وزناته كان النصر فيها حليفه ومنها المحاربة التي استرجع بها غدامس إلى طاعته . وممن حكم نفوسة أبو يحيى زكريا الأرجاني وكان كالمذكورين علما وعملا وورعا وفضلا . وفي مدته ما يشعر بأنه حارب العباسيين المعبر عنهم بالمسودة ( لأن شعارهم السواد ) وحارب العبيديين " الشيعة " وانه كان إمام دفاع الخ. وقد ولوه بعد أن عزلوا بدون حدث : أبا عبد الله ابن أبي عمرو بن أبي منصور الياس . وبعد موت الأرجاني ولوا أبا زكريا بن أبي عبد الله المذكور فأحسن السياسة وعدل في الحكم وسد الثغور ودام في الإمارة طويلا وسادت أيامه السكينة والأمن والراحة ، وإليه التجأ أبو خزر لما انكسر في حربه مع المعز الفاطمي وبقي في الحكم مدة تتراوح بين الستين عاما إلى السبعين . وكل هؤلاء الأمراء والملوك لا انضباط في تواريخهم وإنما السياق يدل أنهم كانوا كذلك في المائة الرابعة من الهجرة وفي النصف الأول من المائة الخامسة .
مخ ۵۴