فإن ما وقع بمكتبة تيهرت عينه وقع بمكتبتي جادو وشروس من مدن نفوسه . والدلائل تدل على أن الجبل قد استقل حالا بعد انقراض الإمامة من تيهرت واستمر محافظا على استقلاله عدة قرون اللهم إلا فترات قليلة تنشأ أحيانا عن غارات فجائية أو عن اختلافات داخلية يتخذها المتغلب وسيلة إلى حكمه المؤقت ولكنه حكم لا يدوم إلا ريثما يتحد الفرنسيون فيقذفون بالمتغلب خارج حدودهم . والتاريخ لم يذكر عن هذا الاستقلال إلا شيئا قليلا من أوصافه وبعضا من أمرائه بدون ضبط في الزمان ولا بيان لمدد المتولين وشكل حكوماتهم التي لا بد وأن تكون شورية حسبما هو معروف من قواعد المذهب . وهذا الإبهام المستمر يبتدي من انقضاء حكم الرستميين ويشتد غموضا في القرن العاشر الهجري إلى ما بعده وهو القرن الذي توفى فيه صاحب السير الشيخ العلامة أحمد بن سعيد الشماخي الذي ذكر في سيره مئات من العلماء الأباضيين ونسائهم الشهيرات في العلم والصلاح وعشرات من الأمراء الذين حكموا الجبل . وأتى بشيء كثير من فضائلهم الواقرة وكراماتهم الباهرة ، وأفاض في تمسكهم الشديد بدينهم وخضوعهم التام للحق والعدل وأطنب حقا ، ولكن مع الأسف بدون إضافة الحوادث إلى تواريخها والرجال إلى زمنهم الذي وجدوا فيه . ولنكتف بذكر بعض الأمراء .
مخ ۵۳