مختصر صفت صفوه
مختصر صفة الصفوة لابن الجوزى
ژانرونه
جاء أبو الربيع الأعرج إلى داود الطائي من واسط ليسمع منه شيئا ويراه. فأقام على بابه ثلاثة أيام لا يصل اليد. قال: وكان إذا سمع الإقامة خرج فإذا سلم الإمام وثب فدخل منزله. قال: فصليت في مسجد آخر ثم جئت
فجلست على بابه فلما جاء ليدخل الدار قلت: ضيف رحمك الله. قال: إن كنت ضيفا فادخل، فدخلت فأقمت عنده ثلاثة أيام لا يكلمني. فلما كان بعد ثلاث قلت: رحمك الله أتيتك من واسط وإني أحببت أن تزودني شيئا. قال: صم الدنيا واجعل فطرك الموت. قلت: زدني رحمك الله. قال: فر من الناس فرارك من الأسد، غير طاعن عليهم، ولا تارك لجماعتهم. قال: فذهبت أستزيده فوثب إلى المحراب وقال: الله أكبر.
عن أبي الربيع الأعرج قال: أتيت داود الطائي، وكان لا يخرج من منزله حتى يقول: قد قامت الصلاة فيخرج فيصلي فإذا سلم الإمام أخذ نعله ودخل منزله. فلما طال ذلك علي أدركته يوما فقلت: يا أبا سليمان على رسلك فوقف لي فقلت له أبا سليمان أوصني قال: اتق الله، وإن كان لك والدان فبرهما. ثم قال: ويحك صم الدنيا واجعل الفطر موتك، واجتنب الناس غير تارك لجماعتهم.
قال عبد الله بن إدريس لداود الطائي: أوصني. قال: أقلل من معرفة الناس. قلت: زدني. قال: إرض باليسير من الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا مع فساد الدين. قلت: زدني. قال: اجعل الدنيا كيوم صمته ثم أفطرت على الموت.
قال إسحاق دخلت أنا وصاحب لي على داود الطائي وهو على التراب، فقلت لصاحبي: هذا رجل زاهد.
فقال داود: إنما الزاهد من قدر فترك.
الوليد بن عقبة قال: كان يخبز لداود الطائي ستون رغيفا يعلقها بشريط، يفطر كل ليلة على رغيفين بملح وماء. فأخذ ليلة فطره فجعل ينظر إليه. قال: ومولاة له سوداء تنظر إليه، فقامت فجاءته بشيء من تمر على طبق فأفطر ثم أحيا ليلته وأصبح صائما. فلما جاء وقت الإفطار أخذ رغيفيه وملحا وماء.
مخ ۲۳۰