مختصر صفت صفوه
مختصر صفة الصفوة لابن الجوزى
ژانرونه
قال: وزار قيس بن مسلم محمد بن جحادة ذات ليلة فأتاه وهو في المسجد بعد صلاة العشاء، قال: ومحمد قائم يصلي، فقام قيس بن مسلم في الناحية الأخرى يصلي. فلم يزالا على ذلك حتى طلع الفجر. وكان قيس بن مسلم إمام مسجده. قال فرجع إلى الحي فأمهم ولم يلتقيا. ولم يعلم محمد مكانه. قال: فقال له بعض أهل المسجد: زارك أخوك قيس بن مسلم البارحة فلم تنفتل إليه. قال: ما علمت بمكانه. قال: فغدا عليه فلما رآه قيس بن مسلم مقبلا قام إليه فاعتنقه ثم خلوا جميعا فجعلا يبكيان.
من الطبقة الخامسة مسعر بن كدام بن ظهير
يكنى أبا سلمة سفيان بن عيينة قال: ما لقيت أحدا أفضله على مسعر.
قال سفيان الثوري: لم يكن في زماننا مثله، يعني مسعرا.
أبو خالد الأحمر قال: لم يكن في أترابه أطول صمتا منه، يعني مسعرا.
محمد بن مسعر قال: كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن، فإذا فرغ من ورده لف رداءه ثم هجع هجعة خفيفة، ثم يثب كالرجل الذي قد ضل منه شيء فهو يطلبه، فإنما هو السواك والطهور، ثم يستقبل المحراب كذلك إلى الفجر، وكان يجهد على إخفاء ذلك جدا.
عن أبي أسامة قال: سمعت مسعرا يقول: أشتهي أن أسمع صوت باكية حزينة.
محمد بن كناسة قال: سمعت مسعرا يقول: من أهمته نفسه تبين ذلك عليه.
قال رجل لمسعر: أتحب أن يخبرك الرجل بعيوبك? قال: إن كان ناصحا فنعم، وإن كان يريد أن يؤنبني فلا.
قال مسعر بن كدام:
تفنى اللذاذة ممن نال صوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء من مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار
بكى مسعر فبكت أمه فقال لها مسعر: ما أبكاك يا أماه? فقالت: يا بني رأيتك تبكي فبكيت فقال: يا أماه لمثل ما نهجم عليه غدا فلنطل البكاء. قالت: وما ذاك? فانتحب فقال: القيامة وما فيها. قال: ثم غلبه البكاء فقام.
وكان مسعر يقول: لولا أمي لما فارقت المسجد إلا لما لا بد منه، وكان إن دخل بكى، وإن خرج بكى، وإن صلى بكى، وإن جلس بكى.
مخ ۲۲۸