الثالث الزهد:
هو في الشرع ترك المباحات التي يخاف من التولع بها أن تحمله على الدخول في الشبهات، والزهد في الشرع مندوب، كما وردت الأخبار والآثار، فينبغي للعبد أن يقتصر من الدنيا على قدر الكفاية على حسب ما تحتمله نفسه، فإن هذا أمر يختلف بالاعتبار، فقد يكون شيء من صفة المعاش زهدا في حق رجل لأنه يحتمل دونه، بل قد يضعفه عن الطاعات، دون رجل آخر لإمكانه الاقتصار على أقل منه، وعليه مع هذه الوظيفة بالاستشعار للموت وقربه، والاستعداد له قبل نزوله، ولتسره حسنته لا على وجه العجب، ولتسؤه سيئته لا إلى حد القنوط.
نعم لا زهد في ثلاث: المرأة الحسناء وإن غالى في مهرها؛ لما في ذلك من تكميل دينه، وهذا ما لم تكن فاتحة عليه لباب الدنيا، غير قانعة بالكفاية، وإلا توجه اجتنابها، ولا في استعذاب الماء؛ فقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يستعذب له من الأمكنة النازحة لأنه لا يحتاج إلى كسب مال فيخاف منه الوقوع في الشبهات، ولا في تخير المسكن السليم عن الوباء، الجامع للمرافق، إذ لا يحتاج إلى غرامة لأن الأرض لله، إلا حيث يكون الدين في غيره أكمل، فإن تركه من الزهد المندوب إليه.
مخ ۸۲