ليس بالمسلمين حاجة بعد اليوم إلى أي مزيد من هذه الدراسات الفكرية، فالمسلمون على اختلاف ثقافاتهم أصبحوا يملكون من الوعي في هذه النواحي ما يتيح لهم الحصانة الكافية لو أن الأمر كان موكولا إلى الوعي وحده.
وإنما هم بحاجة بعد اليوم إلى القوة الهائلة التي تدفع إلى التنفيذ، وهيهات أن يكون أمر التنفيذ بيد الفكر أو العقل وحده.
والقوة الهائلة التي يحتاجوها إنما هي قوة الأخلاق".
هكذا يقول الدكتور العليم "! " وفي كلامه من المغالطات والخطيئات ما لا يتسع المجال لبسط القول في بيانها، فإن أحدا من الإسلاميين لا يتصور أن يقول أن الوعي والفكر وحده يكفي لحل المشكلة، خلافا لما أوهمه كلامه، ولكن المشكلة التي أنكرها الدكتور هي الأصل لقوة الأخلاق ألا وهو الإيمان والتوحيد الصحيح والعقيدة الصحيحة، ولذلك كانت الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم أول ما يبدؤون من الدعوة إنما هو توحيد الله ﷿، فلم يكونوا يعالجون بادئ الأمر المشاكل الأخلاقية ولا الاقتصادية وغير ذلك مما افتتن بمعاجلته كثير من الكتاب اليوم مع الغفلة عن المشكلة الأساسية، وهي انحراف الكثير من المسلمين اليوم وما قبل عن العقيدة الصحيحة، ولكتب الكلام التي يسمونها بكتب التوحيد ضلع كبير في ذلك، وأنا أسأل الدكتور العليم سؤالا واحدا: هل يمكن لفرد أو أفراد أو جماعة أو أمة أن يحظوا بالقوة الهائلة التي يحتاجونها اليوم وهي قوة الأخلاق إذا كانت عقيدتهم غير صحيحة فإذا أجاب بعدم الإمكان فنسأله فهل الذي يعلمه هو أن هناك أمة مسلمة لا تزال عقيدتهم صحيحة، كما كانت عليه في عهد السلف على الرغم من أن فيهم من هو على عقيدة المعتزلة النفاة والجبرية وغلاة المتصوفة الذي منهم اليوم، وفي بلدنا خاصة من يقول بأن المسلم ليس بحاجة إلى أن يتعلم الكتاب والسنة والعلوم التي تساعد على فهمهما، وإنما يكفي في ذلك تقوى الله ويحتجون من القرآن بما هو حجة
1 / 63